الجمعة، ديسمبر ٢٨، ٢٠٠٧

ولا عزاء للسيدات ...

أشعر بالحزن العميق منذ أمس وفور معرفتي خبر قتل السيدة "بناظير بوتو". تلك السيدة التي كانت تؤمن بحق الشعب الباكستاني في الحرية والديمقراطية، وحق كافة الأحزاب في تقاسم السلطة وفق ما تقرره صناديق الاقترع الحر والنزيه لأصوات الملايين من أفراد الشعب.كان لطيور الظلام رأي آخر ووسائل أخري غير ما كانت تؤمن به الراحلة. فهم يؤمنون دوما بأن طلقة البندقية أسرع وأرخص وأسهل لإنهاء أي مشكلة أو خلاف معهم، حتى لو كان ذلك يتعلق بحق تقرير مصير شعب، ورغبته في الحياة الكريمة والنظيفة.
أصابع الاتهام تشير إلي جهات كثيرة وأفراد أكثر. والمتتبع لتطور الأوضاع في باكستان يعي ذلك. فالأمور هناك مختلطة لحد مخيف بين رغبات الجنرال وتصوره الشخصي لشكل الاستقرار المنشود لبلد فقير إلا أنه يملك التقنية الذرية ويملك الكثير من القنابل والصواريخ الحاملة لها.
وعلي الطرف الآخر يتجمع الكثير من الأحزاب والتي تتبني كافة أشكال الطيف السياسي. ولديهم رغبة واحدة تحكم تفاهمهم الآن وهي إسقاط الجنرال.!! ثم لا يهم أن يغرق الطوفان البلد والشعب بعد ذلك. مع أنهم لو ركزوا علي مشاكل بلدهم المزمنة، لاكتشفوا أن رحيل الجنرال دون خدش صغير ليس بالقضية التي تستعصي حلها لفرقاء يطمعون قبل كل شئ في كرسي الحكم، وهو أمر سهل للغاية وهذا ماستثبته الأيام.
كان لدي الشعور القوي - وفور عودة السيدة بناظير لوطنها - بأنها عادت لتموت أو بالأحري لتقتل. والأمر لا يحتاج لكثير من الفراسة أو العلم لأن أصل لتلك النتيجة. ومعلوم أن أولي محاولات قتلها قد حدثت ثاني يوم لعودتها وباءت بالفشل.
يتنصل الجميع من قتل بناظير وتقول حكومة الجنرال - علي لسان وزير الداخلية - أنهم كانوا يشاركون في حمايتها.!! وأن لديهم الدليل القوي أن "القاعدة" هي المسئولة عن تلك الجريمة البشعة .
ما الذي يحدث بالضبط ؟!! كيف يمكن للقاعدة أو لغيرها أن تسيطر علي عقول وأدمغة الشباب أن ينتحر بتلك الطريقة الهمجية ليقتل معه العشرات من أبناء وطنه أو ربما من غير أبناء وطنه.
وبمقتل تلك السيدة الرائعة فقد زاد طابور القتلى من السياسيين الليبراليين وأساتذة الجامعات والصحفيين وتلاميذ المدارس وطلبة الجمعات والفنانين والأطفال وأمهاتهم والكتاب المدافعين عن قيم الحرية والعدالة. القائمة طويلة وهناك من ينتظر دوره ومابدلوا تبديلا ..
أسفي وحزني شديدان وغيظي أيضاً. وعفوا .. لا عزاء للسيدات.


القاهرة . 28/12/2007