الثلاثاء، أكتوبر ١٣، ٢٠٠٩

حجاب المرأة بين التشريع القرآني وفساد التأويل ..

هل شرع الله زياً خاصاً للمرأة ...

سيظل هذا الموضوع ضمن الموضوعات القابلة للنقاش مرات كثيرة ومعادة . ناقشناه بنغم أكثر من مرة. ولعل المرة الهامة – من وجهة نظري – كانت مناقشته بشكل جزئي بالموضوع الهام الذي أثرته منذ فترة طويلة تحت عنوان " حقوق المرأة بالسعودية .. ويغض النظر عما توصلنا إليه من نتائج بهذا الموضوع فقد رأيت أن إعادة مناقشته بشكل مستقل ستكون له الفائدة الكبيرة خاصة بعدما نشرت موضوعاً نسب للشيخ محمد عبده بعنوان : ليس في الشريعة نص يوجب الحجاب. وإن كنت أري – كما يري زميلي وصديقي ابن الأرز - أن العنوان الذي يفي بالمقال حقه هو: "ليس في الشريعة نص يوجب النقاب" . فالحديث كله يدور حول أهمية إظهار وجه المرأة، وأنه ليس هناك ما ينهي عن ذلك في القراًن. وتلك وظيفة النقاب وليست وظيفة للحجاب بطبيعة الحال، وهو الزى الذي ارتضاه المشرع المسلم "الرجل" للمرأة لتغطية رأسها.
وعلي كل حال ورغم نشري للموضوع والإشارة إليه كموضوع منقول كان يهدف بالدرجة الأولي الاستفادة منه بالقراءة والتعرف علي أفكار شيخنا محمد عبده باعتباره مفكراً ومصلحاً ومجدداً حاول أن ينير العقول ويتقدم للأمام عدة خطوات عبر رحلة الزمان " الواقف " بجمود وشموخ وعناد في بلداننا. وكفا شيخنا - من كل محاولاته - شرف المحاولة وشرف حمل مصباح التنوير، دون أن يحدث أي شئ منهما عبر المكان أو الزمان أو العقول والنفوس. بل ربما تحركت الأمور والأصح أنها جامدة في مكانها أو في محاورها الثلاثة أو الأربعة بوتيرة تخلف متصاعدة وأشد هولاً عن أيامه هو نفسه.
وما سأفعله هو محاولة أشد تواضعاً مما دعا إليه الشيخ محمد عبده ولعلها بالنتيجة ستكون أشد تأثيراً في اتهامنا بما ليس فينا وبما هو أشد قتامة في عدم الفهم المتعمد وحرب مستعرة لدعوات مماثلة للشيخ وآخرين بعده سبقونا إلي الدعوة والكتابة والاكتفاء بشرف المحاولة.
وعلي كل فكل ذلك أفضل من الرجوع بذراع مكسور أو ضلوع محطمة أو ساق لا تقو علي حمل صاحبها لمدة طويلة. وكل ذلك مجرد رسائل بليغة لمن يفهم ويتعظ ويقدر بأن المرة القادمة سيكون أوان القطع والبتر لتلك الأعضاء وللسان صاحبها قد جاء.
ويبدو أنه نوع من الإنصاف - الغير عادل وغير مقبول - أن تكسر الأقلام قبل الضلوع والأذرع والأرجل. وياله من كرم زائد أن تكون المقدمات " في التكسير والبتر والإيذاء " تسبق ما هو أشد وأنكي. اليس كل ذلك بمقياس الكرم الحاتمي ومقاييس الحكمة والموعظة الحسنة والاستتابة أفضل ألف مرة مما كان يحدث في عصور الظلمة بأوربا ، حيث كان هناك حرق الأحياء من المفكرين والعلماء وحيث كانت صكوك الغفران ووعد بمكان في الجنة مقابل الصمت والدفع.
ألا يشكل ذلك فارقاً بيننا وبينهم يضعنا في مصاف " الأحسن والأقوم والأرفع منزلة " أم أن كل الحكاية هي دورة من عمر الزمان يسود فيها التخلف إلي حين فيزداد قسوة وهمجية، وتتصاعد وتيرة القتل والتخريب بحجة الحفاظ علي الدين والحفاظ علي ثوابت لاتمت للدين بصلة من بعيد أو قريب، بقدر ماهي ثمرة تأويلهم الفاسد والقاصر والعاجز والجاهل.
أراهن علي الوقت وتأثيره في كافة مناحي الحياة والفكر. ليس بشكله المجرد الصامت والعاجز بقدر ماهو عامل هام وحيوي لابد له أن يتحرك للأمام بما يحمله من إرهاصات ومعاناة وتطلعات للأفضل بداخله.
معذرة لكم ومعذرة لشيخنا الجليل محمد عبده. ولنبدأ علي بركة الله ..
....
1 – غطاء الرأس أو الحجاب .

1- معني الحجاب في اللغة العربية .

حجب (لسان العرب)
الحِجابُ: السِّتْرُ. حَجَبَ الشيءَ يَحْجُبُه حَجْباً وحِجاباً وحَجَّبَه: سَترَه. وقد احْتَجَبَ وتحَجَّبَ إِذا اكْتنَّ من وراءِ حِجابٍ. وامرأَة مَحْجُوبةٌ: قد سُتِرَتْ بِسِترٍ. وحِجابُ الجَوْفِ: ما يَحْجُبُ بين الفؤَادِ وسائره؛ قال الأَزهريّ: هي جِلْدة بَين الفؤَادِ وسائر البَطْن. والحاجِبُ: البَوَّابُ، صِفةٌ غالِبةٌ، وجمعه حَجَبةٌ وحُجَّابٌ، وخُطَّتُه الحِجابةُ.
وحَجَبَه أَي مَنَعَه عن الدخول. وفي الحديث: قالت بنُو قُصَيٍّ: فينا الحِجابةُ، يعنون حِجابةَ الكَعْبةِ، وهي سِدانَتُها، وتَولِّي حِفْظِها، وهم الذين بأَيديهم مَفاتِيحُها.والحَجابُ اسمُ ما احْتُجِبَ به، وكلُّ ما حالَ بين شيئين: حِجابٌ، والجمع حُجُبٌ لا غير.
وقوله تعالى: ومِن بَيْننا وبَيْنِك حِجابٌ، معناه: ومن بينِنا وبينِك حاجِزٌ في النِّحْلَةِ والدِّين؛ وهو مثل قوله تعالى: قُلوبُنا في أَكِنَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ معنى هذا: أَنـَّا لا نُوافِقُك في مذهب.
والحاجِبانِ: العَظْمانِ اللَّذانِ فوقَ العَيْنَينِ بِلَحْمِهما وشَعَرهِما، صِفةٌ غالِبةٌ، والجمع حَواجِبُ؛ وقيل: الحاجِبُ الشعَرُ النابِتُ على العَظْم، سُمِّي بذلك لأَنه يَحْجُب عن العين شُعاع الشمس. قال اللحياني: هو مُذكَّر لا غيرُ، وحكى: إِنه لَمُزَجَّجُ الحَواجِبِ، كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منه حاجِباً

2 - كلمة الحجاب في القراَن الكريم ..
1 - وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً [الإسراء : 45]
2 - وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ [الأعراف : 46]
3 - وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَاباً مَّسْتُوراً [الإسراء : 45]
4 - فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً [مريم : 17]
5 - وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فصلت:5]
6 - فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ [صـ : 32]
وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى : 51]
7 - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب : 53]
...
يتفق القراَن الكريم في معني الحجاب بنفس المعني المقصود بدلاله الكلمة اللغوية. فالحجاب يعني الساتر أو الحاجز بين منطقتين " مكانياً ". والكلمة تؤدي نفس الوظيفة إذا ما استخدمت للتفريق أو الفصل بين "الأفكار والمعتقدات". وكمثال تطبيقي شائع الاستخدام، استخدامنا لكلمة الحجاب الحاجز . ورغم أن الكلمة تعد اسماً طبياً لجزء من أجزاء الجسد الداخلية إلا أنه يحمل دلالته ووظيفته بأنه " حاجز " يحجز بين منطقتين حيث يعرف الحجاب الحاجز بأنه عبارة عن حاجز عضلي يفصل بين القفص الصدري و التجويف البطنى.

يستند كثير من المفسرين لشرعية الحجاب بالآية السابعة والتي يمكن فهمها بشكل أفضل بالقراءة عند ترتيبها حسب المعاني الواردة بها وعلي الشكل التالي:
- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ
- وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا
- فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ
- وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ
- وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً
- إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً [الأحزاب : 53]

ويلزم الأمر أن نستعرض سبب أو أسباب نزول تلك الاَية :
قال عمر بن الخطاب للنبي (ص) "يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو أمرتهن أن يتحجبن يعني أن لا يحاورن الرجال مباشرة بل من خلال حجاب يفصل بينهم. فنزلت الآية". " منقول"
....

الآية – بالنص - حكمها قاصر علي نساء النبي والأمر فيها قادم مباشرة من الله . ويلاحظ أن الله لم يأمر نساء النبي بارتداء الحجاب، بل طالب الرجال أن يكون حديثهم معهن أو سؤالهم لهن " من وراء ساتر ". لا حظ كلمة " من وراء " وما تعنيه من معني. وكلمة من وراء حجاب لا تعني إطلاقا اللباس أو الحجاب الذي نعرفه والذي تضعه المرأة فوق رأسها.
والآية تضع ضوابط للتأدب – خلافاً لعرف جاهلي كان سائداً - حين الدخول لمنزل الرسول، وتنظم العلاقة في كيفية التعامل مع نساء النبي. فالآية تتحدث عن وجوب وجود ساتر ( حجاب ) يفصل بين نساء النبي ومن يحدثهم من الرجال. "وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذالكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيماً". فالآية تشرع بعدم الزواج من زوجات النبي بعده. وغني عن البيان أن هذا التشريع أرتبط بفترة زمنية مضت وولت.
ومع ذلك تظل الآية مرجعاً لضوابط التأدب حين دخول رجل غريب لمنزل أحد أصدقائه مثلاً والحديث مع النساء المتواجدات. فكلنا يعلم أن للمنازل حرماتها، وأن النساء داخل منازلهن لهن الحق في تمضية وقتهن - بما في ذلك ارتداء ما يرونه مريحاً لهن خاصة للمناطق الحارة وحيث لا توجد أجهزة تبريد أو تكييف للهواء مما يجعل النساء يخففن من ملابسهن إلي درجات كبيرة.
وليس لأحد الحق أن يتعقبهن داخل منازلهن بالأمر والنهي ولبس الحجاب أو النقاب تحوطاً لهجوم سافر من رجل تنقصه الكياسة والتأدب. بل الأقرب للواقع والأصح أن يكون الحوار مع الرجال في تلك الحالة " من وراء حجاب " حفاظاً علي الوضع " الخاص " الذي قد توجد المرأة فيه وقتها واحتراماً لخصوصيتها.

ولعل هذا الفهم يكون كافياً لتوضيح عدة أمور أراها علي قدر كبير من الأهمية :
1 – ليس هناك تشريع - بنص الآية - يلزم المرأة بتغطية رأسها. أو يلزم الرجل بإجبار المرأة علي تغطية رأسها.
2 – الآية في مضمونها الصريح وما تبوح به كلماتها هي دعوة للتأدب عند الحديث مع امرأة داخل بيتها واحترام خصوصيتها . لاحظ أن الدعوة للحديث " من وراء حجاب " هي للرجل وليست للمرأة. وبمعني أكثر تحديداً فالرجل هو المطالب بالبحث عن أنسب ساتر أو حجاب يتيح له الحديث – من وراءه - بأدب واحترام مع المرأة .
3 – ومادام الحديث يتناول أمراً له علاقة بالأدب واحترام الخصوصية، فلا يمكن لعاقل أن يتهمني بأنني أدعو لتبرج المرأة أو أنها دعوة للتعري إلي آخر ما يقال من اتهامات باطلة ومنحرفة في مثل هذا الأمر.
4 – تلك الآية شأنها شأن باقي الآيات التي طالها فساد الفهم والتأويل والإفتاء لا تتحدث من قريب أو بعيد عن أي نوع من الأزياء لا للرجل ولا للمرأة.
5 – لم أشأ التحدث عن الحديث النبوي: قال صلى الله عليه وآله وسلّم: "يا أسماء ، إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه" - رواه أبو داود - صدق رسول الله.
فالحديث أحادي المصدر كما وأنه روي بطريقتين مختلفتين مما يجعلنا في حرج من قبوله كحديث صحيح يأول لغير ما دعا إليه الله.
ورغم أن هذا الحديث يعطي شرعية للمرأة أن تظهر وجهها خلافاً للفهم السائد ولما هو معمول به، ومع ذلك يبدو الأمر غريباً أن يفهم من هذا الحديث أنه حظر لظهور شعر المرأة. ودعنا نقل أن الأصح أن هذا الحديث ُأول لحظر ظهور منطقة (الرأس) للمرأة ؟!! مع أن الحديث يذكر أن الرسول (صلعم) أشار إلي وجهه وهي إشارة تعني منطقة الرأس بأكملها، فالوجه كما هو معروف جزء من الرأس. ولو كان يعني بإشارته تلك الوجه فقط لمسح وجهه بكفه، ولم يكن هناك داع لأن يشير لوجهه. ولتغيرت كلمات الحديث بطبيعة الحال. ثم يأتي من يحظر أيضاً بالمخالفة للقراَن وبالمخالفة لهذا الحديث ليطالب بحظر ظهور وجه المرأة أيضاً؟!! بحيث تكون النهاية اختفاء كامل لأداة التعرف علي المرأة. يبدو أن هذا هو المطلوب.
6 – يتبقى أن أقول أن استخدام المرأة للحجاب أو عدم استخدامه هو أمر يعود للمرأة نفسها وفق تقديرها لأمور كثيرة ليس من بينها مخالفة الشرع والدين، وبما يمليه عليها فهمها لتلك الأمور، وليس فهم " المشرع الرجل " الذي ارتكب خطيئة الفهم عن قصد وعمد لآيات القراًن مما أوقعه في محظور " فساد التأويل " لنفي جنس المرأة بحجب أداة التعرف لكينونتها وشخصيتها وحضورها بتشريع فاسد وباطل بحجب أداة التعرف عليها " الوجه " وصولاً لسلب الكثير من حقوقها الأصيلة دنيوية أو دينية .
.....
سأحاول الاقتراب بهدوء وفهم من باقي تلك الآيات والتي شابها قصور الفهم وفساد التأويل.
تتبقي نقطة أخيرة: لماذا كل هذا الإصرار علي التأويل الفاسد والخاطئ لاَية الحجاب حتى أنهم يضعونه كأحد الثوابت الدينية متهمين من يخالفهم الرأي والتأويل بالكفر والهرطقة. سأعاود الكتابة في تلك النقطة أيضاً..
...
أستأذنكم في قراءة هذا المقال وهو مكتوب بقلم أحد السلفيين الشباب .
http://knol.google.com/k/حامد-حماد/أم-ور-م-حي-ره/11abermsjx6wk/16#
...

فضلت نشر بعض الردود لمقال الدكتور صالح بن محمد المسند - والذي يحمل نفس عنوان مقالي - بصفحة جديدة ونشر تلك الردود كمقال منفصل . ويمكن الرجوع لتلك الصفحة من خلال الرابط
2 -
حجاب المرأة بين التشريع القراَني وفساد التأويل .بعض الردود لمقال الدكتورصالح ....

..

الأحد، مايو ١٧، ٢٠٠٩

من وراء قمع ومصادرة حرية المرأة والرجل؟! ...

..
أما قبل .. لنقرأ ونفهم :

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة : 71]
وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 72]

هل توحي تلك الآيات بأي نوع من التفضيل للرجل المؤمن عن المرأة المؤمنة؟ هل فضل الله جنس الرجل عن جنس النساء.؟ وهو سبحانه الذي يتحدث عن المؤمنين والمؤمنات بنفس القدر من التساوي في التكليفات الشرعية وبنفس القدر من التساوي في وعد الله لهم بالجنة. وهي أيضاً القاعدة حين يتحدث عن " عموم الناس " والمؤكد أن ذلك يشمل الذكر والأنثي وليس الذكر وحده.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [البقرة : 161]
وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة : 224]


وفي خطاب عام للناس بشكل مباشر وصريح لا يقبل التأويلات المريضة أو المتعسفة يقرر الله حكمة الخلق من ذكر وأنثي لجعل الشعوب والقبائل تتعارف. أي أن المعرفة هي الهدف وبغض النظر عن اللون أو العرق أو الجنس.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]

وبصيغة عادلة ومحكمة يساوي الله بين الذكر والأنثى. فهو يتحدث عز وجل عن النفس البشرية دون أن يخص بالحديث النفس الذكر دون النفس الأنثي ليقرر:

لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة : 286]
وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا . فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا [الشمس : 7و8]


ويخص الخطاب ألقراني الرجال ببعض الآيات التي تحدد وتكيف العلاقة بينه وبين المرأة.

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً [النساء : 34]
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة : 222]
...
أود العودة ولأسباب كثيرة إلي هذا الموضوع ثانية. أجد - وضمن هذه الأسباب - أن مايحدث من تجاوزات لا تطول حرية المرأة فقط بل وحرية الرجل أيضاً. وتحدث تلك التجاوزات – كما في الحالة التي سأعرضها عليكم - في أمور قد تبدو صغيرة للغاية، لا تستدعي أن يقام نقاش حولها فضلاً عن المطالبة بأي نوع من الحقوق. ما رأيكم حين تهدر كل الحقوق. كلها.... كلها. حقوق المرأة وحقوق الرجل أيضاً. في كل الحقوق صغيرة أو كبيرة.
ثانية وثالثة وللمرة الألف سأظل أقول أن الحقوق تهدر كلها وليس بعضاً منها. حتى لو رفع الرجل لافتة ضخمة تقول أن تلك المرأة المحجبة أو المنقبة التي تمشي خلفي، أو تقعد بجواري هي زوجتي ووفق ما تقررونه وتقرره الشريعة الغراء.
يبدو أنه في كل الحالات فهناك رأي ثان أو لعله رأي أول للجهة والذين أعطوا لأنفسهم الحق في حفظ الآداب وحماية الشريعة. تذكرني تلك الجملة بأخرى تردد لتأييد الأنظمة السياسية الثورية والتي تتستر علي ما يحدث من قهر ومصادرة للحريات بأنهم يهدفون حماية المكتسبات النضالية والثورية و ..
.
نعم ففي كل الأحوال ما يحدث سواء هنا أو هناك هو ضرب من العبث والسفه والغباء والقسوة والهمجية في التعامل مع أبناء الوطن الواحد وتحت مسميات لا تمت لأي فكر أو ضمير أو علي الأقل ولو بالحد الأدنى للفهم الإنساني دون تعصب أو انغلاق أو تحجر أو قسوة وتصلد للقلوب.
.
الطامة الكبرى حين يصبح كل ذلك " اتجاها عاماً " يقرره السادة الملتحون الذين رضعوا الوهابية حتى الثمالة. والذين تفوح من حافظة نقودهم رائحة النفط، والذين يسعون للحصول علي المزيد من تلك الأموال، وتقمصوا دور الدعاة والوعاظ عن جهل مطبق. واعتقدوا أن اللحية والجلباب القصير، والسواك يطل من جيبه العلوي، والكرش الممتد أمامهم. اعتقدوا أن كل ذلك حصانة لهم تعطيهم الحق في الفتوى والوعظ والإرشاد، وهي حصانة تعفيهم في نفس الوقت من الاعتراض عليهم ومحاسبتهم والصراخ في وجوههم بأنهم يجرون البلاد والعباد إلي منحي خطير وهائل من التخلف والتفرقة وصولاً لقتل وترويع أبناء الوطن الواحد بعد تقسيمهم لمؤمن علي شاكلتهم، وآخر كافر لا يستحق سوي القتل أو التنكيل به . هذا ما يفهمونه من فبول الآخر، ولعل الأفضل أن أقول هذا هو كل ما يفهمونه أولئك الجهلة المتزمتين الذي يحكم الغباء تفكيرهم من قبول الناس.
.
وكمثال. ذلك الجاهل الذي جاء لأحد صفحات مقالاتي وأعطي لنفسه الحق أن يسبني ويتهمني بكل جهل وسوء أدب بتعليقه لمقالي
الحرية والمرأة .... وكيف لا وهو يطيل لحيته ليتقمص دور مولانا الواعظ ، أو المفتي أو مخلص البشر من كفرهم، وكيف لا وهو يردد كالببغاء كلام أهل الصحراء بكل عنجهيته وتخلفه وتشدده الأحمق، وأخيراً ولعل هذا هو الأهم، وكيف لا وقد ذاق حلاوة اكتناز " البترو – دولار."
واعتقد أنه لم يقرأ المقال، وهو إن قرأ فأجزم أنه لم يفهم. والأغلب أنه كتب ما كتبه إرضاء لأحدهم أو طلباً لثمن، أو إرضاء لتيار فاسد سائد. تعليقه الغير مهذب موجود بنفس الصفحة ولن أحذفه، وهو برأيي لا يمثل رأي رجل عن حق كما أنه لا يمثل أخلاقيات الرجل المسلم وفق ما تمليه ضرورات التأدب وعدم التطاول والفهم، وكل ذلك تفرضه الشريعة والفهم السوي للإسلام.
.
ولم اندهش لذلك بعدما طالعت صفحته الرئيسية فهي أشبه بطلب تقديم لوظيفة، فهو يعرض صورته وهو ملتح ولا يكتب سوي عن خبراته ومدتها. وزاد تأكدي بعدما قرأت ما يسميه بأحد مقالاته. فهو وبشكل دعائي فج يروج لسلعته ولعبقريته وكيف أن الكثير من عرب الخليج علي اتصال دائم به لمساعدتهم في حل بعض المشاكل التقنية. الغريب أنه يعمل بالفعل بالسعودية ويبدو أنه يبحث عن دولة خليجية أخري تمنحه المزيد من الدولارات المعبقة برائحة الجاز، وبالتوازي المزيد من التخلف والحماقة والجهل والتشدد الأعمى .
.
والجميع من عينة هذا الجاهل الملتحي يرون أن حرية المجتمع في نقاب المرأة، أي في عدم إظهار هويتها ولا شكلها ولا هي أيضاً مسموح لها بالتعبير عن شخصيتها ومشاكلها. منطق غريب يتبناه الكثير منهم. والأغرب أنهم يلوون عنق الحقيقة ويشوهونها للحد الذي يدعون فيه أن الحرية للمرأة ولهم وللمجتمع كله تكون مع النقاب ولا حرية بغير ذلك ؟!!!
إنهم وببساطة شديدة حكموا علي أكثر من نصف المجتمع بالنفي والسجن دون أن يواتي الواحد منهم الشجاعة ولا الحكمة ولا الكياسة ولا العقل أن يتحدث بنفس المنطق عن الرجال.
...
حين أطالع خبراً تكون هيئة " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " طرفا فيه أصاب بنوع من الدهشة المريرة وتنسحب الصور والألوان والأشكال والتعبيرات وحتى أكاد أشم روائح القرن السابع عشر أو ما قبله لقد . بح صوتي خلال نقاشنا لموضوع " حقوق المرأة في السعودية " عن تلك الهيئة " الدينية ". ما شكلها الإداري؟ وما شكل تسلسل قياداتها؟ علي الأقل الإدارية وليست "الروحية". ولم نجد إجابة واحدة مقنعة يمكنها أن تغطي الموضوع. ومع الوقت تتوالي الأخبار وتفوح الروائح، أو بالأحري مع سهولة نقل الخبر من داخل المملكة لخارجها. ورغم كل محاولاتهم لحجب الخبر الذي بين أيدينا ورغم أنه ليس بالأكبر ولا هو بالأغبى كحدث، يمكن أن يحدث عشرات المرات بل قل مئات المرات كل يوم بطول المملكة وعرضها. ومثل هذا الخبر يبين لنا أنها ليست بهيئة داعية للمعروف ولا هي بناهية عن المنكر. بل هم " جهاز " ضخم له إداراته ومكاتبه وقياداته وسجونه وأنه يفوق " الجهاز" التنفيذي وأقسام الشرطة صلاحيات ومقدرة. أنهم أشبه بجهاز " المخابرات العامة " كما نقول بمصر أو أشبه بجهاز " الأمن العام " سيئ الصيت والسمعة والذي نرتجف من مجرد النطق باسمه في معظم الدول الناطقة بالعربية..
.
لنقرأ هذا الخبر ثانية ...وثالثة
ولنعد من حيث ابتدأنا ...
وليس هناك من اعتذار من أحد لأحد . فالوقت قد ضاع . لا يهم، وهو أي الوقت ليس له من ثمن، فهو بالمجان أشبه بحالنا أو هو أشبه بنا. من فضلك اقرأ واعرف كيف يصون وكيف يحمي النقاب الحريات التي يوعدون الناس بها .
نص الخبر ..
تمسك المواطن السعودي محمد القحطاني بحقه في رفع قضيته ضد جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السعودية، وتصعيدها رغم الاعتذار الذي تقدم به رئيس الهيئة الشيخ عبد العزيز الحميّن أثناء اللقاء الذي جمعهم اليوم في مكتب الحمين. وقال القحطاني في اتصال هاتفي مع "إيلاف" ان ما بدر من جهاز الهيئة من تعدي وقذف له ولزوجته أمر لا يمكن السكوت عنه، حتى وان قدم رئيس الهيئة اعتذارا له، حيث ذكر القحطاني لـ"ايلاف" ان الحمين استقبله استقبال أكثر من رائع وقال له انه ضد ما حصل.
لكنه مع ذلك سيتمسك بحقه في القضية التي شوهت سمعته وقال لن أتراجع عن قضيتي التي سأسعى لان تصل للملك ولن ترضيني إقالة مدير العلاقات العامة والإعلام أحمد بن محمد الجردان.
وكان عبد العزيز الحمين رئيس الهيئة قرر إيقاف الجردان عن العمل وتحويله للتحقيق على خلفية البيان الذي نشر قبل يومين في الصحف السعودية بخصوص قضية القحطاني وزوجته والذي لم يكن بعلم رئيس الهيئة.

كما تم إيقاف الأعضاء المتورطين في قضية القحطاني عن العمل الميداني وتحويلهم للتحقيق، وتعتبر هذه خطوة ايجابية للحمين الرئيس الجديد الذي يبدو انه اكثر حزما وصرامة مع موظفيه خصوصا الميدانيين، الذين كثر اللغط حولهم في السنوات الأخيرة.
مصادر إيلاف تشير إلى أنه من المتوقع أن يتم إعتذار بأسم رئيس الهيئة للقحطاني صباح الغد عبر صحيفتي الوطن والرياض المحليتين، وهو ما يعد سابقة تشهدها الساحة المحلية ووسائل الإعلام.

رواية القحطاني لوسائل الإعلام أثارت الكثير من الجدل في الأوساط المحلية، مادفع الهيئة إلى إصدار بيان صحافي بعد شهر كامل من الحادثة، يقول في اول أحاديثه لوسائل الإعلام بتاريخ 19 أبريل الماضي، إن زوجته قررت الذهاب إلى أحد المجمعات التجارية غرب الرياض لتلتقي أهلها وعندما أنزلتها أمام السوق توجهت إلى محل تموينات قريب وعند دخول للمحل تفاجأت بعدد من الأشخاص ينهالون علي بالضرب وقاموا بسحبي أمام الناس بالشارع وأركبوني السيارة بالقوة والتي عرفت من شعارها أنها تابعة لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأشار القحطاني إلى أن أفراد الهيئة تلفظوا علي بألفاظ جارحة لا تخرج من إنسان مسلم يدعي الالتزام بعد ذلك أرجعوني للسوق مرة أخرى وقاموا بإخراج زوجتي وأهلها من السوق بطريقة و سلوك غير حضاري وأمام جميع الناس وقاموا بالتحقيق مع زوجتي داخل السوق وقادوها الى خارجه وسط تجمهر كبير من المتسوقين وسط صراخ زوجتي.
وقال المواطن القحطاني إن أفراد الهيئة أخذوني إلى مركز هيئة البديعة ولم يكتفوا ذلك بل أخذوا سيارتي وكذلك جهازي الجوال الذي تمت مصادرته بالقوة واطلعوا على كل محتوياته وصادروا محفظتي الخاصة وقاموا بتفتيشها.
وأكد المواطن أن أفراد الهيئة عندما عرفوا أنهم مخطئون حذروني من نشر الموضوع في الصحف وقد ذكر لي أحد المعتدين عليه من الهيئة انه أنهى مؤخرا دورة في كيفية التعامل مع الجمهور.
...
ملحوظة هامة: لاحظ الكذب في السرد والتفسير في رد الهيئة. ولا يهم سمعة الأسرة ، ولا سمعة وكبرياء المرأة ، ولا سمعة وكبرياء الرجل .فالمرأة تهان، والرجل يضرب، والموضوع بأكمله يمكن أن يزيف بحيث لا تطول أشاوس الهيئة سوي الدعوات المباركة من العميان والطرشان. راجع التعليقات ..
...
يأتي الرد بعد ما يقارب الشهر الكامل من مدير العلاقات العامة والإعلام في الهيئة، أحمد بن محمد الجردان، البيان الذي اوقف بسببه الجردان، ونشر في جريدة الرياض وفي مايلي نصه:.
سعادة رئيس تحرير صحيفة «الرياض» سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعد:
فنشير إلى ما نشرته صحيفتكم بعددها (14878) تحت عنوان («هيئة البديعة» تعتدي بالضرب على مواطن أوصل زوجته لمجمع تجاري) وتضمن الخبر قول المواطن الذي رمزتم لاسمه ب (م.س القحطاني) (أن زوجته قررت الذهاب إلى أحد المجمعات التجارية غرب الرياض لتلتقي أهلها وعندما أنزلها أمام السوق قال انه توجه إلى محل تموينات قريب وعند دخوله للمحل تفاجأ بعدد من الأشخاص ينهالون عليه بالضرب وقاموا بسحبه أمام الناس بالشارع وأركبه السيارة بالقوة وقال: انه عرف من شعار السيارة انها تابعة لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال المواطن القحطاني أيضاً في نفس الخبر أن أفراد الهيئة أخذوه إلى مركز هيئة البديعة ولم يكتفوا بذلك بل أخذوا سيارته وكذلك جهاز جواله بالقوة واطلعوا على كل محتوياته وصادروا محفظته الخاصة وقاموا بتفتيشها)..
عليه نفيد الجميع بأن المركز المعني قد تلقى بلاغاً يفيد بمشاهدة شخص يقوم بتقبيل امرأة ويقوم بضمها وهي كاشفة لوجهها داخل إحدى السيارات في مواقف أحد المجمعات التجارية بغرب الرياض، وعلى ضوء ذلك تم الشخوص إلى الموقع وقد تحقق رجال الهيئة من صحة ما ورد بالبلاغ وذلك من خلال إقرار المذكور نفسه بحصول ذلك منه معللاً تصرفه بأن زوجته وأنها تعاني من آثار نفسية ولتأكيد صحة قوله قام بالاتصال على المرأة فجاءت من داخل السوق وبرفقتها والدتها فتم سؤالها فأفادت انها زوجته وأوضحت أنه قد قام فعلاً بتقبيلها وضمها وهي كاشفة لوجهها داخل السيارة في مواقف السيارات، عند ذلك قام عضوا الهيئة بمناصحة المواطن وزوجته كما تم توجيههما بعدم تكرار ذلك الفعل مرة أخرى، بعد ذلك أبدى الرجل وزوجته أسفهما واعتذارهما فتم تركهما عند سيارتهما في مواقف السوق، كما نود أيضاً ان نوضح أن ما نقله المحرر خالد العوفي على لسان المواطن القحطاني من قيام عضوي الهيئة بضربه وسحبه أمام الناس وإركابه بالقوة والتلفظ عليه بألفاظ جارحة وأخذ جواله ومحفظته ومصادرتها ونقله إلى مركز الهيئة غير صحيح.
ونحن إذ نبين هذا للجميع لنود ايضاح الآتي:
1- ضرورة التزام الجميع بالآداب العامة وخصوصاً في مثل هذه الأماكن من أسواق ونحوها فما يجوز في مكان خاص لا يجوز في مكان عام وخصوصاً ما يجري بين الزوجين.
2- نود من صحيفة «الرياض» ووسائل الإعلام الأخرى تحري المصداقية في النقل وألا تعتمد على ما ينقله محرروها ومراسلوها إلا بعد التمحيص والتأكد والتثبت فدور وسائل الإعلام ومنها هذه الصحيفة دور ينطلق على الحقائق وليس دوراً ينطلق من النشر لذات النشر!!
3- الرئاسة إذ تنشر تعقيبها هذا تحتفظ بحقها فيما حمله هذا الخبر من افتراء عليها وعلى منسوبيها.
لإطلاع سعادتكم ونشره كاملاً في نفس المكان الذي نشر فيه الخبر المشار إليه أعلاه وذلك حسب ما يقضي به النظام.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مدير العلاقات العامة والإعلام أحمد بن محمد الجردان
......
زوجة القحطاني بدورها، وهي أكثر المتضررين كانت من ضمن المعلقين على بيان الهيئة، وعبر الردود المعقبة على البيان جاء ردها:
اقسم بالله انا هذا الكلام غير صحيح فقد دخل خلفي في السوق اكثر من عضو في الهيئة واخرجوني من السوق وسط تجمهرمن الناس ووجدوا زوجي في سيارة الهيئة وكانوا يتلفظونا علينا الفاظ لا تخرج من انسان مسلم وبعد ان عرفوا ان زوجي كلامه صحيحة دهشوا اعضاء الهيئة بعد ذلك اخذوا زوجي لمركز الهيئة وتركوني في السوق والمدهش في تعقيب الهيئة يقولون اني ضميت زوجي وقبلته. وكيف يحق للهيئة انت تتهم زوجي في مثل حركات وتصرفات لا تظهر في الشارع وامام الناس ولكن سوف ارفع قضية لكشف هذا الكلام واذا كانت الهيئة على حق لماذا ترسل التعقيب بعد شهر من الحادثة ام انهم يبحثون عن مخرج لكن حسبي الله ونعم الوكيلاقسم بالله انهم اخذوا زوجي المركز وضربوة واذا كنت الهيئة على حق لماذا اعتذرت الى زوجي وحذرته من التوجه للصحافة حسبي الله عليهم.
...
الإجراء الحالي الذي اتخذه الرئيس الجديد للهيئة، سيفتح الباب من جديد حول الأخطاء الكثيرة التي يرتكبها موظفو جهاز الهيئة، والذي لطالما كان محل انتقادات واسعة، كان آخرها بيان الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية، حيث أنتقد تقريرها الأخير هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر من خلال تفتيش الممتلكات الخاصة دون مبرر، والقبض على النساء دون محرم، والإجبار على التوقيع على محاضر دون قراءتها، واستخدام سيارات خاصة لنقل من يوقف إلى أحد مراكز الهيئة.
وقال التقرير أن الحاجة تدعو إلى تحديد سلطات وصلاحيات منسوبي الهيئة بشكل دقيق حرصا على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسمعة وسلامة أعضائها الذين تعرض بعضهم للاعتداء, ومنع ازدياد تذمر الناس من تصرفاتهم وتلافي أخطائهم.
....
وهذا مقال جيد يكشف بعضاً من المستور. لعله يضيف إلي فهمنا القليل..

تكفير الثقافة الجنسية ...
بقلم خالد منتصر ٢٥/ ٤/ ٢٠٠٩ - جريدة المصري اليوم

قامت الدنيا ولم تقعد من رجال الخليج الأشاوس على الباحثة الإماراتية "وداد لوتاه" الموجهة الأسرية في محاكم دبي، لأنها تجرأت وكتبت عن أهمية الثقافة الجنسية، بل وصل بها عدم الحياء فى رأيهم، إلى درجة تأليف كتاب «سرى للغاية» عن تجربة السنوات التسع التى قضتها فى محاولة حل المشاكل الجنسية، التى أدت بالكثيرين إلى طلب الطلاق فى المحكمة، فتم تكفيرها، والتهديد بقتلها، ومحاربة كتابها، والتحرش والتربص بها، لدرجة التلاكيك التى وصلت إلى حد اتهامها الخروج عن الملة، لأن غلاف كتابها قد رسمت عليه علامة الأنثى، دائرة وفوقها صليب، وبالطبع جعلها هذا الصليب مرتدة وآثمة وفاسقة. .
المدهش أن كتاب «سرى للغاية» منطلق من أرضية دينية إسلامية، والسيدة وداد سيدة منتقبة وخريجة كلية الدراسات الإسلامية، وبالرغم من كل هذا تم تكفيرها واستباحة دمائها! ما السبب الخفى والمسكوت عنه الذي حرك ثورة الرجال العرب ضد هذه السيدة؟، لا يمكن بالطبع أن يكون السبب هو غيرتهم على الدين.
..
للأسف السبب الحقيقى هو غيرتهم على ذكوريتهم التى خدشتها هذه السيدة، عندما أعلنت عن حق الزوجة فى الحصول على اللذة الجنسية كاملة، ورعبهم من أن تتحول المرأة من مجرد كائن مفعول به صامت لا مطالب ولا حقوق له إلى كائن كامل الأهلية له نفس المشاعر والحقوق الجنسية، رعبهم من أن ينطلق لسانها وتطلب حقها، وتكشف عورات العلاقات الجنسية المهترئة والمزيفة فى البيوت العربية، التى تقوم على اغتصاب مقنن، والتى فضحتها وداد حين أعلنت أن معظم المتزوجات لم يعرفن ما هو الأورجازم أو هزة الجماع، وأنهن يمثلن اللذة دون أى إحساس حقيقى!
..
زوجة قضت مع زوجها ما يقارب ٣٥ سنة، حتى وصلت ٥٢ سنة، تقول معقول يا وداد أنا متزوجة منذ ٣٥ سنة، ابنى تخرج فى الجامعة مهندس، وابنى الآخر دكتور، وأنا ما حسيت بشىء اسمه لذة جنسية.!!
.
هذا جزء من حديث الباحثة «وداد لوتاه» فى برنامج إضاءات، مجرد قمة جبل الجليد القابع فى محيط الجهل والتخلف والزيف والنفاق، المرأة العربية عليها أن تعيش مسرحية بانتوميم صامتة، التعبير فيها عن الحميمية قلة أدب، الرجل هو المايسترو والغضنفر الفحل، وحامى الحمى، ومحرك الأحداث، والصياد الآمر الناهي الذي لابد ألا يعصى له فرمان جنسي، حتى ولو كانت زوجته على ظهر بعير!، وإلا لعنتها الملائكة صباح مساء، وبالطبع يأخذ الزوج من تراثه الديني ما يرضى غروره الذكورى، ويتجنب ويتحاشى أوامر هذا التراث بحسن المداعبة وعدم قضاء رغبته قبل رغبتها، إلى آخر هذه الثقافة التي ستفتح عين المرأة وتفقدها الخشا والحياء، فتتحول من وعاء حمل إلى كيان إنساني، وهذا مرفوض بالطبع من الرجل العربي الذي يعد أكثر رجال الأرض صرفاً على الفياجرا لإشعال رغبته، وترويجاً للختان والعزل والحجب لإطفاء رغبتها.
الجنس عندنا مونولوج لا ديالوج، وتناسل لا تواصل.

الاثنين، مايو ١١، ٢٠٠٩

الرواسي ( الجبال ) إثبات لكروية الأرض .." إلي روح أخي وصديقي العزيز الدكتور سمير حمزة الأستاذ بكلية العلوم - جامعة القاهرة"

(2)..
أطمع أن يدعو كل من يقرأ هذا المقال بالمغفرة والجنة لروح صديقي وأخي الأستاذ الدكتور سمير حمزة، الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة. والذي وافته المنية منذ أيام قلائل، وتركنا في حزن شديد، رغم تسليمنا بقضاء الله.
كان رحمه الله بالنسبة لي وعدا القرابة الأسرية - صديقاً وأخاً عزيزاً وكريماً. وكان في مقام العلم أستاذا متمكناً ينشر علمه الغزير لتلاميذه ويغلفه بحبه وتفهمه لهم. والحق أنه كان محبا لعمل الخير ومحبا لكل الناس في تواضع وأدب جم.

ومع أنه كان عاشقاً كبيراً للصلاة ولقراءة القراَن، فلا أتذكر أنه أستغل ذلك في فرض هالة له، أو أنه ألح علي أحد بأن يكون مثله. بل كان علي الأكثر مشغولاً بين عمله في الجامعة، وبكثير من اللجان أو المؤتمرات التي تشرفت أن يرأسها في العديد من المجالات، ووصله لصلة الرحم بزياراته للأقارب. وكان للصديق عوناً، يقدم له النصيحة بقليل من الكلمات وبكثير من الفهم. وهو بهذا الشكل النبيل والعفيف والجميل كان قدوة لكثير من أحبابه وأصحابه.
كان إنساناً رائعاً، فقد كان يشعر بالسعادة البالغة وهو يبادل الأقارب والأصدقاء والناس الحب والتقدير. وكانت لتلك السعادة مفعول السحر وهي تنتقل للمحيطين به، خاصة عندما يتحدث أو يعلق مبتسماً أو ساخراً أو ضاحكاً، أو جميعهم في نفس الوقت.
ولعل القارئ الكريم - الذي يطالع مقالاتي - مشاركتنا " أصدقاء وأحباب وأسرة الراحل العزيز" الدعاء وطلب المغفرة لروحه الطاهرة ..
حفظكم الله من كل سوء ..
القاهرة. 4/6/2009
...
كنت قد كتبت مقالا بعنوان ويسألونك عن الميد والرواسي .. تعرضت فيه لعملية الإتزان المتقنة للأرض والناتجة عن وجود الجبال كرواسي تؤدي تلك الفائدة. بطبيعة الحال تعاملت مع كوكب الأرض كجسم " كروي " يسبح في الفضاء ويدور حول نفسه بسرعات عالية للغاية. وقد عقب أحد القراء علي ماكتبته معترضاً ومستشهداً بالعديد من الآيات التي تبين أن الأرض لم تخلق علي الشكل المعروف حاليا (شبه الكروي) مما ينفي صلتها بالميد وبالاتزان المطلوب. ولأهمية الاعتراض وللفائدة المرجوة من نقاشه فقد فضلت نشر ردي علي شكل مقال منفصل (رقم 2) يلحق بالمقال الأصلي .. ..
كتب القارئ :
وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاّيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الرعد : 3]
وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ [الحجر : 19]
وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [قـ : 7]
ما علاقة مد الأرض بالاتزان وعدم الميد ؟
..
الأستاذ ...
أنت تركز علي أن الأرض " ممدودة أي غير كروية " وهذا يبدو صحيحاً للوهلة الأولي بحكم الآيات التي استشهدت بها، رغم أن هذا المد يصاحبه " إلقاء الرواسي ". وبمعني أكثر تحديداً أنت تريد أن تقول أن الأرض طالما هي ممدودة فهي بغير حاجة لتلك الرواسي. ولم يكن هناك ما يدعو لعمل هذا الاتزان المتقن لها لأننا بالأساس ولطبيعة تأثير هذا الامتداد فلن يكون هناك " ميد " أو غيره وبالضرورة فلن تكون هناك حاجة أصلاً لكتابة المقال. ومع تسليمي بكل ما نقلته وبشكوكك حول الموضوع برمته إلا أنني أري غير ذلك الأمر والموضوع يحتاج لتمعن في القراءة والفهم خاصة أنك ركزت علي الكلمات الواردة بالنصف الأول من الآيات التي أوردتها ولم تحاول الربط بينها وبين ما تلاها من كلمات.
أول ما يتبادر للذهن بعد قراءة تلك الآيات أن الأرض خلقت علي شكل سطح فراغي. ومن هنا يمكن تفهم عملية المد التي تمت. وعلمياً لا يتحكم بأي سطح سوي محورين فقط والمتفق علي تسميتهما بالمحور الأفقي والمحور الرأسي ( س . ص ) أو ( X Y) ودون الحاجة للمحور الثالث الذي يحكم الارتفاع أو ما يسمي بالبعد الثالث (ع) أو ( Z).
وكمثال عملي للسطح وللتدليل فهناك مثلاً سطح شاشة التلفزيون وما يدور فوقه من أحداث جارية في مختلف بقاع الأرض، أو سطح شاشة السينما وما يجري فوقه من توالي الأمكنة والشخصيات والأحداث. وللتبسيط يمكن أن نتحدث عن الورقة كسطح. فعلي سطح الورقة ليس هناك ما يدعو للبعد الثالث مهما رسمت عليها من أشجار وأنهار وجبال وطائرات .. الخ. فسيصبح كل ذلك مجرد مجموعة من النقاط المتصلة والتي يمكن أن نحدد موقعها علي سطح الورقة ببعدها عن المحور س وأيضا بدلالة بعدها عن البعد الآخر ص. وهذا يعني ضمن ما يعنيه من أمور أخري استحالة التواجد الفيزيائئ للمخلوقات بمختلف أنواعها فوق الأجسام الفراغية التي تأخذ شكل الأسطح.
إلا أن المفارقة أن جميع الآيات التي تتحدث عن خلق الأرض "بالمد" تتحدث أيضا عن مخلوقات أخري فعلية خلقت فوق الأرض. وتلك المخلوقات الحقيقية والموجودة فعلاً فوق سطح الأرض منذ خلقها محكومة بكل المحاور المتفق عليها علمياً (الأربعة) التي تحدد مكانها وشكلها في الفراغ الكوني. واقع الأرض يقول ذلك منذ بداية خلقها، فهي ليست بالسطح، ولا يمكن أبداً تحديد موقع أي " نقطة " فوقها دون تحديد موقعها من المحاور الثلاثة بما فيهم المحور ع أو Z فضلاً عن البعد الرابع وأعني به بعد الزمن. وسأزيد من تلك النقطة بعد قليل.
هل كلامي يزيد من التناقض بين ماهو قائم بالفعل وما جاء بالآيات القرآنية.؟! لا أعتقد . فكل ما يحتاجه الأمر هو مقدرة قليلة علي تخيل الأرض وكما نعرفها - ليس كسطح - بل كجسم كروي يسبح في الفراغ خلقت بنوع من التمديد ولا يخفي علي فطنة القارئ أن تمديد الجسم الكروي سيعقبه في النهاية تقابل من جميع الجهات وسيؤدي ذلك لجعلها بالشكل الذي نعرفه وأقرب لشكل الكرة.
ومما يؤكد – هذا الفهم – هو تأكيد تلك الآيات علي وجود الرواسي والأنهار وكل الثمرات فوق الأرض بعد خلقها، وأيضاً جعله فيها زوجين اثنين. ثم، جعل الليل يغشي النهار. وفي آية أخري بإلقاء الرواسي فوقها وإنبات كل شئ موزون وبهيج. لاحظ أن الإنبات وما يحمل من معني النمو وصعود النبتة لأعلا. فضلاً عن الحاجة للزمن لديمومة كل تلك المخلوقات. ومن المستحيل أن يتم كل ذلك فوق سطح فراغي ممتد. أي أن الإنبات وكذا (الزوجين) وأيضاً (الليل والنهار) لهم علاقة وثيقة بالمحور ع أو Z ( الرأسي ) وأيضاً لهم علاقة وثيقة بمحور الزمن. مما يعطي دلالة قاطعة أن الله لم يكن يرسم نقاطاً متصلة فوق سطح فراغي، ليأخذ هذا الرسم (أشكال) ما قصده من مخلوقات، بقدر ما كان يخلق أشياء ملموسة وحية وقابلة للتعامل مع كافة المحاور (س. ص.ع) إضافة لمحور الزمن.
الأمر الأخر الهام أن التعامل مع السطح الفراغي يكون من جهة واحدة للسطح. والمؤكد أن عملية الخلق تمت فوق الجهات الأربعة، وهذا ينفي عملياً أن تكون كل تلك المخلوقات قد تم خلقها فوق سطح فراغي، والأسلم والأدق أن يكون الخلق لكل تلك المخلوقات قد تم فوق سطح كروي. وكتدليل بسيط: يمكنك ببساطة متابعة المشاهدة للسلاسل الجبلية والممتدة فوق سطح الأرض ودون توقف وغيرها مثل الحقول والأنهار والبحار وحتى مسافات طويلة وبعيدة. مما ينفي خلقهم فوق سطح أو جسم علي شكل مكعب مثلاً أو أي شكل فراغي آخر. ولو كان الأمر كذاك لتوقف تواجد كل تلك المخلوقات عند حدود حافة الشكل الفراغي سواء كان سطحاً أو مكعباً أو أي شكل آخر. والأدق - ومن خلال تلك المشاهدة - أن يكون تواجد كل تلك المخلوقات فوق سطح كروي. لأنه الشكل الفراغي الذي يسمح باستمرارية كل تلك المخلوقات وفي أي اتجاه. وبالإضافة لكل المخلوقات التي يمكن أن نحصيها من الآيات الواردة، لاحظ أيضاً التأكيد علي خلق الليل والنهار مما لا يدع مجالاً للشك بأن الأرض خلقت بالشكل الذي نعرفه الآن، أي بشكل كروي.
وإذا كان بالإمكان أن ننسب تواجد جميع تلك المخلوقات بدلالة المحاور الأربعة ، فمن باب أولي أن ننسب "الأرض بأكملها التي تتواجد فوقها تلك المخلوقات" إلي نفس المحاور الأربعة، وهذا لا يمكن أن يحدث لو كانت الأرض سطحاً. وزيادة في التفصيل يمكن القول بالاستحالة نظريا وعملياً أن تتواجد الرواسي أو الجبال فوق جسم علي شكل سطح ممتد أو مهما امتد، فضلاً عن تواجد كل تلك المخلوقات الواردة بالآيات، مما يؤكد أن الأرض خلقت علي شكل جسم كروي وكما حاولت أن أدلل علي ذلك.
أميل للتفسير الذي يقول أن عقلية المتلقي وقت نزول القراَن وفهمه واستعداده لتقبل كروية الأرض هو الذي جعل تلك الآيات تتنزل بهذا الشكل المحكم والمعجز. لا تنس أن هناك وحتى الآن ببعض التجمعات السكانية من يرفض قبول فكرة كروية الأرض فضلاً عن مناقشتها رغم إيمانهم الديني العميق.
واعتقد أنه تفسير مقبول، خاصة وأن القراّن تحدث عن الخلق بالتكوير لليل والنهار مما يعطي إثباتا رائعاً وجميلاً لكروية الأرض. ألا تتفق معي أن الله عز وجل لم يشأ أن يضعنا في ورطة الفهم الخطأ والمتضارب بين المعني الكلي في تلك الآيات - التي أوردتها - وغيرها من الآيات التي تتحدث بشكل مباشر عن الخلق بالتكوير.؟!

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر : 5]
..
أطيب تحياتي ...
.
عادل محمود
القاهرة. 7/4/2009

الأحد، مايو ١٠، ٢٠٠٩

ويسألونك عن الميد والرواسي .. " إلي روح أخي وصديقي العزيز الدكتور سمير حمزة الأستاذ بكلية العلوم - جامعة القاهرة"

.
تقول الآية الكريمة :
وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ / وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. [النحل : 15]
...
تمهيد ..
1 - المعني اللغوي لبعض الكلمات الواردة بالآية ..
والرَواسي من الجبال: الثوابت الرواسخ. (الصحاح)
وفي ( لسان العرب ):
والجبال الرَّوَاسِي والرَّاسِياتُ: هي الثَّوابِتُ
ورَسَتِ السَّفينةُ تَرْسُو رُسُوّاً: بَلَغَ أَسفلُها القَعْرَ وانتهى إلى قرارِ الماءِ فَثَبَتَت وبقيت لا تَسيَرْ.
ومادَ الشيءُ يَمِيدُ مَيْداً: تحرّك ومال.
ومادَ يَمِيدُ إِذا تَثَنَّى وتَبَخْتَرَ.
ومادت الأَغْصانُ: تمايلت.
.2 – ثوابت علمية .
للأرض ثلاث حركات، فهي تدور حول محورها بشكل مغزلي بسرعةٍ تصل إلى 465م/ث عندَ خطِّ الاستواء أو ما يعادل 1674 كم/ساعة. كذلك تتحرك الأرض فى مدار بيضاويٍّ مُحَدَّدٍ لها حول الشَّمس بسرعةٍ تبلغ 29.77كم/ث أو ما يعادل 107172 كم/ساعة. وتدور الأرض مع الشَّمس وبقيَّة المجموعة الشَّمسيَّة حولَ مركز مجرَّتنا (سكة التبَّانة أو درب التبَّانة أو الطريق اللبنيّ) بسرعةٍ تتراوح بين 206 كم/ثانية أو ما يعادل 741.600كم/ساعة في مدارٍ لولبيٍّ لتتمَّ دورتها تلك في مدةٍ تُقَدَّر بحواليْ 250 مليون سنة.
وما يعنينا في الحديث من تلك الحركات هو الحركة الدورانية للأرض والتي سنركز الحديث عنها وعن تأثيرها في اتزان الأرض.
تتفق جميع الآيات القرآنية التي تتحدث عن الجبال بأن لها وظيفة محددة للأرض وهي منع الميد. وسواء تحدثت الآيات عن الجبال كأوتاد أو رواسي للأرض فتظل وظيفتها هي استقرار الأرض بمنع ميدها. أي أن الجبال هي مثبتات لغرض استقرار الأرض ومن عليها. كيف يكون ذلك؟
سأحاول تقريب المسألة للأذهان ببعض التطبيقات العملية الملموسة في حياتنا اليومية . دعونا نتفق أولاً أن أي جسم يتحرك بسرعة دائرية يكون له مركز ثقل في موضع ما من الجسم . ومركز الثقل يعتمد علي تجانس المادة المصنوع منها هذا الجسم وليس بالضرورة أن يكون بالمركز. ونتيجة للحركة الدائرية لهذا الجسم فلابد أن يكون له أيضا مركز دوران يدور حوله الجسم .للحالة المثالية يجب أن يتطابق مركز الثقل بمركز الدوران لكن هذا لا يحدث مما يخلق نوعا من عدم انتظام الحركة الدورانية وتوليد قوي واهتزازات غير مرغوب بهما.
أمثلة كثيرة تستطيع أن تدلل بها علي ذلك. مثل ضبط اتزان ( إطارات ) أو دواليب السيارة، بإضافة أثقال ( محسوب وزنها ) توضع في أماكن معينة في محيط الدولاب، لضمان دوران الإطارات أو الدواليب بشكل هادئ ومتزن .وأيضاً لو تفحصت ريشة من ريش المروحة السقفية، أو حتى المراوح الاستاند لوجدت أيضا أثقالا صغيرة موضوعة لنفس الغرض.
هذا يدعونا للقول أنه لا بد من عملية اتزان لأي جسم يدور، وذلك بوضع أوزان محسوبة بدقة لتصحح من الإنحراف الناشئ للمركزين ( الثقل والدوران ). وقد تبدو المشكلة أسهل للأجسام الكروية أو المنتظمة. لكن ماذا عن الأجسام غير الكروية أو المفلطحة .؟! مثل الأرض التي تدور حول نفسها بسرعات عالية للغاية وفي نفس الوقت تدور حول الشمس ..
هل وصلت الفكرة ؟!!!
سأعطي مثالا عمليا آخر نمر به جميعنا. ألم تركب مرة سيارة وشعرت ( برفة كما نسميها بمصر وتخبيط ) في أحد الإطارات. ما السبب ؟ السبب هو عدم اتزان ذلك الإطار لفقدان الأوزان اللازمة لإتزانها، أو لأن تلك الأوزان غير كافية، أو لأنها غير محسوبة بدقة. المهم أننا نشعر جميعا بالإهتزازات في تلك الحالة. ولا أقصد بالإطار في كل الأمثلة التي أتحدث عنها الإطار الخارجي فقط. بل المقصود هو الإطار والجنط الحديدي الذي يلتف حوله الإطار. وما يمنعنا من الشعور بتلك (الرفه أو التخبيط أو الاضطراب الناتج عن تلك الاهتزازات غير المرغوب فيها) هو الإتزان المتقن للعجلات نتيجة أوزان الإتزان المحسوبة بدقة والمثبتة بالمحيط الخارجي بها.
والاضطراب الحادث نتيجة لعدم الإتزان هو الميد المقصود الذي يمكن أن بحدث للأرض، والذي يستلزم لتصحيحيه نوع من المثبتات أو الرواسي (الجبال). وتلك الرواسي تعادل بالتأثير وبالفائدة أثقال الاتزان التي أعطيتها للأمثلة البسيطة السابقة.
ويمكن تشبيه الأرض بتلك السيارة، ما الذي سيحدث لو انعدم اتزانها وهي تدور حول نفسها؟! (ستميد بنا) وسنشعر بذلك بكل تأكيد. السرعات المنتظمة للأرض سواء حول نفسها أو حول الشمس هو السبب الرئيسي لعدم الشعور بالحركة. وهذا أمر مختلف عما نناقشه. الأساس العلمي لإتزان الأجسام التي تتحرك بسرعات دائرية معروف. وقد حاولت أن أقربه وأبسطه. حاول أن تكيف الكلمات الواردة بالآية مع هذا الأساس العلمي. لن تجد هناك تعارضا.
وقد يكون هناك علاقة بالبراكين والزلازل بالوظيفة الأساسية للجبال وفق ما أفهمه وما تحدثت عنه بأمثلة عملية. مع أنها تمثل ظواهر طبيعية لها تفسيرات أخري عديدة. وأقرب النظريات لفهمها هي التي تتحدث عن انزلاق الكتل أو الصفائح المشكلة لبنيان الكرة الأرضية، وتحدث تلك الإنزلاقات لأسباب كثيرة. قد يكون واحداً منها ميد الأرض (اضطراب الحركة ) بسبب إضافة كتل للجبال أو حذف البعض منها. مما يؤثر حتماً علي الاتزان النهائي للأرض. ولتبسيط المعني أقول أن الأرض تعاود ضبط اتزانها - ثانية - بنوع من الحركة الداخلية والتي تظهر علي شكل زلازل.
دعني أبسط الأمور بشكل أبسط من المرات السابقة : يجب أن تفرق بين الشعور بالميد نتيجة لعدم الإتزان (الرفه في حالة المركبة ذات الدولاب غير المتزن ) مع ثبات السرعة الخطية. هنا الميد أو الرفه أو الإهتزازات يتولد بسبب عدم الاتزان وليس بسبب السرعات الخطية المنتظمة والناتجة عن سرعات دوران منتظمة أيضا .السرعات المنتظمة لا تجعلك تشعر بتأثير الحركة. والمثال الأقرب للفهم لو أنك بعربة قطار مغلقه يتحرك بسرعة منتظمة فلن تشعر انك تحركت مترا واحداً. هذا موضوع لا علاقة له بما يمكن أن يحدث لو أن عجلات القطار بدأت تدور بغير اتزان لتولد لنا ( رفه - اهتزاز – اضطراب - ميد ) مع ثبات السرعة الخطية المنتظمة التي تولدها عملية الدوران بسرعات منتظمة، أو مع انتظام سرعة القطار الخطية .
سأحاول – ثالثة - أن أجعلك تتعرف علي الميد: اذهب إلي أقرب ورشة لضبط اتزان دواليب السيارات. وشاهد أحد الدواليب قبل ضبطها وهي مثبتة فوق جهاز ضبط الإتزان وتدور بسرعة منتظمة. كيف ستري الدولاب؟. ستراه يدور بغير انتظام مسبباً نوعا من الضوضاء والاهتزازات وكأنه يريد أن يقفز من مكانه. ثم شاهده مرة أخري وهو يدور بنفس السرعة المنتظمة التي يولدها الجهاز بعد إضافة أثقال الموازنة. كيف ستراه هذه المرة ؟ ستراه يدور بنعومة وانتظام دون أن ينشأ أي اضطراب أو ضوضاء نتيجة لذلك الدوران . أرجو أن تكون الفكرة قد وصلت هذه المرة .
وربما يلزم الأمر قليل من التوضيح. دوران أي جسم وبأي سرعة دوران يؤدي إلي اهتزازات غير مرغوب فيها أثناء الدوران. بمعني أن تلك الاهتزازات تنتج عن الحركة الدورانية للجسم. وأعطيت تفسيرا علميا سليما لذلك وهو عدم تطابق مركزي الثقل والدوران ينتج عنه تلك الظاهرة. كما أعطيت أمثلة عملية ملموسة من واقع الحياة مثل إطارات السيارة - ريش المروحة ....... الخ. توضح علاقة الإهتزازت بالحركة الدورانية.
وكقاعدة عامة فإن أي جسم يدور يلزم اتزانه. وقلت أن الموضوع يبدو سهلا للأشكال المنتظمة (الدائرية والكروية ..... الخ ) فما بالك ونحن نتحدث عن إتزان محكم لشكل كروي مفلطح وأعني الأرض .
ونستطيع علميا أن نتعامل مع الكرة الأرضية كما نتعامل مع أي جسم مادي محدود ونطبق عليها ما نعلمه من قوانين رياضية وفيزيائية بما في ذلك قوانين الحركة. ويمكن – نظرياً وباستخدام بعض القوانين الرياضية البسيطة أن نعزل جزءً من كتلة الجبال ثم نري تأثير ذلك علي اتزان الأرض. ونوالي عملية العزل أو الاستبعاد النظري لكتل أخري من الجبال ونري. وقد يكون علماء الفلك والفيزياء قد تعرضوا لتلك الدراسة .
وبالقياس وكنتيجة لفهمي المتواضع لأساسيات قوانين الحركة للأجسام، أعلم يقينا أن استبعاد كتل من الجبال يعني تحرك مركز ثقل الأرض لنقطة أخري وكلما استبعدت كتلة أخري كلما تحرك مركز الثقل لمكان آخر، مما يعني المزيد من الاهتزازات والاضطراب للأرض بأكملها وسنشعر بالتأكيد بكل ذلك. وكل ذلك تحدثت عنه الآية الكريمة وأعطت مرادفاً من كلمة واحدة يحمل نفس المعني والشعور وأعني كلمة الميد .
وكمثال تطبيقي لذلك أرجوك أن تعود لورشة ضبط إطارات السيارات واطلب من الفني هناك أن يضع دولاباً متزنا فوق الجهاز ثم يجعله يدور. أطلب منه أن يبدأ بنزع بعض أوزان الإتزان أو القطع الرصاصية الصغيرة المثبتة علي محيط الدولاب، وراقب ما سيحدث. سيبدأ الاهتزاز في الظهور وكلما استبعدت المزيد كلما زادت تلك الاهتزازات. الأرض كجسم يدور ورغم ضخامة كتلتها تنطبق عليها نفس الملحوظة .
ما عندي قلته وهو ما ينعكس علي اقتناعي بصحة ما جاء بالآية علميا. غير أن الواجب يقتضي أن أقول قد أكون مخطئا. وقد تكون هناك فوائد أخري مضافة للجبال أو الرواسي. والمؤكد أن هناك كثير من الفوائد الأخرى لها. غير أن ما يشغلني حقيقة بالتفكير هو دورها في حفظ اتزان دوران الأرض. ويتبقى أن أشير إلي أن حركة الجبال وعلاقة تلك الحركة بالإنزلاقات الحادثة للصفائح المشكلة لبنية الأرض تستدعي التفكير مرة أخري في علاقة كل ذلك بحفظ الإتزان. وبمعني أكثر تحديداً هل ما يتم من حركات للجبال تصاحب حركة الصفائح هو نوع من إعادة التصحيح لمركز ثقل الأرض ومركز الدوران - كلما تغير هذان المركزان لسبب أو لآخر - بحيث تعاود الأرض اتزانها ثانية.
.
وعلي كل فهذا مجرد اجتهاد شخصي مني. والحقيقة أنني أدين لظهور هذا المقال للمتحاورين معي بهذا الموضوع، ولمعني الكلمات الواردة بالآية التي نناقشها (الميد والرواسي) وبطبيعة الحال المعني الكلي للآية. وما حدث كان عملية ربط بين معاني الكلمات وقوانين الحركة للأجسام. ومع ذلك فسيظل الأمل أن يكون فهمي سليما ومسعاي في إثباته صحيحا لتسليمي بأنه من الممكن أن يكون هناك من هو أرقي في الفهم وفي المسعى.

عادل محمود
القاهرة. 24/9/2007
...

الأحد، مايو ٠٣، ٢٠٠٩

3 - الحضارة والأديان ... شراء الحضارة ...

..
3 -
الحضارة – كما ذكرت - هي تفاعل حي ودائم ومتجدد بين عناصر لاغني لها عنها في التكامل والترابط فيم بينهم . الجماعة أو الشعب - المكان أو الوطن ثم شكل وأسلوب الحكم.
وماذا بعد؟ تبقي النقطة المفصلية أو التفاعل الدينامكي فيما بين كافة العناصر والمكونات. ويشمل ذلك الكثير من العلاقات والتي تتفاعل فيما بينها وبين العناصر الأصلية، وما يلي كل ذلك من عمليات إنتاجية بكافة أشكاله الحضارية سواء المادية منها أو الفكرية. وكنتيجة فأن ذلك يتيح للظهور كافة الأوجه والأشكال التي سميت بمظاهر أو أشكال الحضارة. بحيث يعطي هذا التفاعل شكل الحضارة لشعب ما وتميزها عن غيره.
ثمة سؤال هام يطرح نفسه بعد ما قيل، وهو سؤال بديهي ولابد من أن نجد الإجابة له: هل بالضرورة أن الحضارة تعني وضمن ما تعنيه أن أحد أشكالها أو ما أسميته أحد منتجاتها يجب أن يكون " التقدم التكنولوجي وظهور الاختراعات ومسايرة القفزات الكبيرة في غزو الفضاء مثلا أو التوصل لسر صناعة القنبلة النووية أو الهيدروجينية " ؟!! بحيث يقتصر تسمية الشعوب المتحضرة علي تلك التي تنتج كل ذلك وما عداها من شعوب هي بالضرورة شعوب متخلفة وبعيدة عن مسار الحضارة .
سؤال هام يحتاج أن نفكر فيه بعمق ونتحاور حوله بنزاهة وصدق، لعلنا نضع أيدينا علي أسرار تلك السلعة التي لا تقدر بثمن والتي أسمها الحضارة ..
...
أحاول أن أضع الحصان في مكانه السليم . أي أمام العربة، ليس بجانبها ولا بخلفها. الحضارة كمفهوم بشري وإنساني - وكما نناقشه - عبارة عن مجموعة من الآليات ذات العلاقة الوثيقة بفهم الإنسان لكثير من العناصر التي تتفاعل مع بعضها. وتبدأ أول ما تبدأ تلك العناصر بالجماعة ثم والوطن ثم نشاط تلك الجماعة وإنتاجيتهم بما في ذلك إنتاج الثقافة والفكر والأدب والفلسفة والفنون والمسرح والسينما، وأيضاً التواصل مع بقية الشعوب والحضارات بشكل مباشر أو عن طريق الترجمة والطباعة والتأليف والنشر. أيضاً إنتاج السلع الخدمية والرفاهية وانتاج السيارات وبناء الكباري وشق الطرق وبناء المساكن. والنشاط الزراعي والإنتاج الخدمي مثل (نظام الوقاية والعلاج للأفراد) ببناء المستشفيات والمؤسسات العلاجية. ونظم التعليم والدراسة ببناء المدارس وإيجاد سياسات تعليم متطورة وحديثة.
ويمكن القول أن إنتاج كل تلك النظم والمنتجات يرتب حقوقاً للمواطن في إيجاد فرصة عمل كريمة وذلك شكل آخر من أشكال المنتجات الحضارية. وبطبيعة الحال يجب ألا نغفل أن نظام الحكم هو أحد المنتجات الحضارية الهامة بما يتيحه من إمكانية تبادل كرسي الحكم لمختلف الفرقاء داخل الجماعة. وبما يحقق الأمان للمواطن بغض النظر عن لونه أو ديانته أو عرقه.

لم يتأتي كل ذلك فجأة ولكنه جاء بعد معاناة وبحث ودراسة وصعاب جمة ليقرر الفكر الإنساني في النهاية أشكال الحضارة التي ينشدها. والفكر الإنساني ليس نبتا شيطانيا ليظهر وحده دون تأثير عوامل كثيرة ترتبط بالجماعة نفسها وبما تنتجه وبأسلوب معيشتها وأسلوب الإنتاج. وهو أيضا منتج لا يأتي بترديد الأدعية والحفظ لمفردات دينية والدفاع عنها حتى آخر نقطة دم وتقسيم البشر " لمؤمن وكافر " ثم الدخول في حروب تقضي علي الأخضر واليابس .
هناك رأي يقول: إذا لم نكن بقادرين علي صنع الحضارة فلنشتريها. هل لو قمنا بشراء الطائرات والمطارات والصورايخ وحتى القنبلة الذرية سنصبح أهل حضارة؟ هل لو قامت الشركات الأجنبية ببناء المصانع الحديثة والجسور والكباري والمستشفيات والمطارات بما في ذلك طائرات نقل الركاب والطائرات الحربية مع تجهيزها بأحدث وأفضل التجهيزات العصرية. هل سيتيح لنا ذلك أن نصبح دول متحضرة . إذا لم يكن شراء " المنتجات الحضارية سيصل بنا لذلك فأين يكمن الخلل. ؟
دعونا أولا نتحدث عن إمكانية شراء الحضارة.
مادام الحديث يتناول عمليات شراء لمنتجات حضارية فالوضع برمته لن يزيد عن كونه عمليات تجارية يمارس فيها البيع والشراء ووفقا لأصول وترتيبات تفرضها لوائح وقوانين البيع والشراء بين الدول. بما في ذلك من محاذير سياسية قد تشكل عقبة لإتمام العديد من تلك الصفقات وفي كل الأحوال فلا يمكن إغفال التأثيرات السياسية في هذا الأمر.
لا يمكن أن أنظر لشراء أي منتج حضاري ابتداء من إبرة الخياطة وحتى الصاروخ بأكثر من ذلك . ومن المعلوم بل ومن المؤكد أن هناك الكثير من المنتجات التي يظل البائع متمسكا بحقه في عدم إلمام المشتري بسر التكنولوجيا أو الصناعة المباعة. حتى أن الأمر يصل لحجب إمكانية قيام المشتري – منفردا - بعمليات الصيانة والإحلال والتجديد بمعرفته لكثير من المنتجات. ويمكن علي سبيل المثال أن نذكر: أجزاء كبيرة من منظومات التصنيع المدني عامة والعسكري خاصة، الطائرات العسكرية، الأسلحة وأجهزة القياس والتحكم،. المفاعل النووية، الأجهزة الطبية خاصة الحديثة منها. فضلاً عن عدم وجود قاعدة أو منظومة متكاملة من الصناعة والتعليم والمعرفة والسلوك في التعامل وكل ذلك قد يؤمن الأسلوب الأفضل للقرب من تلك المعرفة. والأهم الشكل العام لنظام الحكم، هل هو متحرر يؤمن بالتواصل والحوار أم هو نظام منغلق لا يؤمن سوي بوجوده فوق كرسي الحكم.
وعلي كل حال أصبح الموقف في غالبية الدول الناطقة بالعربية يميل " لاستهلاك " المنتجات الحضارية للغير دون بذل أدني جهد في معرفة أسرارها وكيفية إنتاجها والتعامل مع أجيالها المتلاحقة الحديثة والمتطورة.

وكما قلت بتعريف الحضارة أن كل تلك القيم تفرضها اعتبارات خاصة للغاية بالجماعة ( الشعب ) وبالمكان ( الوطن ) وبشكل الإنتاج السائد الذي هو ضرورة للجماعة – الوطن . وبضمن ذلك " الفكر" بمعناه الرحب والشامل والذي يتضمن كل صنوف المعرفة والفنون والفلسفة والترجمة. وأيضا الدين الذي يجب أن يشكل رافداً هاماً للثقافة فلا يصبح هو كل الثقافة وكل الفكر، وأيضاً نظم التعليم بجميع مراحله، وكافة أنواع النظم الإنسانية التي ترتب لحياة كريمة وآمنة للجماعة في وطنهم.

وفي مجال الفكر وخاصة الثقافة والفن عموماً، قد تبدو الأمور أكثر سلاسة وانفتاحا بعمليات الترجمة والنقل والتأليف والطباعة والنشر. لكن كل ذلك لا يخدم مسعانا في إمكانية وجود حضارة مميزة، لأنه ومهما كانت عمليات الترجمة والتعرف علي الأفكار الحديثة وحتى مناقشتها علي استحياء أحيانا، فكل ذلك لا يرقي إلي خلق نوع من التفاعل بين الإنسان وباقي المكونات. إضافة للمحاذير الدينية والاجتماعية والسياسية والتي تعوق أي محاولة للاستفادة والتقارب الفعلي من الآخرين. فضلا عن وضع العقبات أمام أية أفكار جديدة قد تأتي من خلال التأليف المتطلع للتجديد والذي يحمل بين جنباته رؤيا جديدة سواء كان ذلك في كتابة الرواية أو القصة أو الشعر أو الكتابة السياسية. وينطبق نفس الحال علي كافة مجالات الإبداع الإنساني لكافة الفنون فهو محكوم بقيود العيب والحرام، بحيث تكون النتيجة دائما هي صفر.
وبمعنى أكثر تحديدا نحن شعوب مستهلكة، و" الآخر " شعوب منتجة والفارق واسع وكبير. خاصة إذا كان مثل هذا النمط الاستهلاكي محكوم بكل ماسبق أن ذكرته من قيود تأتي من السلطة الحاكمة والمتحالفين معها باسم الدين بحيث يمنع تماماً أي تفاعل لبقية الأطراف للتقدم عدة خطوات في طري واضح المسمي والتوصيف لحضارة خاصة بنا.
ولعل نظم الحكم السائدة " تعد أهم المنتجات الحضارية، " والملاحظ أن الدول التي يطلق عليها دول متحضرة هي التي تتبني نظم حكم ديمقراطية تسمح بتبادل كرسي الحكم بين الأحزاب السياسية والتيارات المختلفة وفقا لبرامج سياسية " دنيوية " لا تتأثر باللعب علي وتر المحرمات والنواهي الدينية واستبدال كل ذلك بما يراه ممثلون أو نواب تختارهم الجماعة للبحث والفصل والتجديد لكل تلك الأفكار.
تاريخ البشرية هو خير إثبات لكل ذلك . فبينتما توقفت عجلة الحضارة للدول الإقطاعية والدينية والشمولية والدول التي تتبني فكرا يميز بين الأجناس وألوان وديانات البشر. أدي كل ذلك لتدهور وتوقف عجلة الحضارة. حتى تيقنوا أنه لا بديل عن العودة لتطبيق المفهوم الإنساني للحضارة بالشكل الذي ذكرته، وبما يضمن زيادة جرعات الحرية والتحضر، بما في ذلك احترام الجماعة لمفهوم الوطن الذي يؤويهم ويرتب لهم حقوقا وواجبات متساوية بغض النظر عن الجنس والانتماء الديني لمكونات تلك الجماعة وبما يرسخ مفهوم حق " المواطنة " للجميع.
ما الذي لا نملكه في كل ما ذكرت؟ في الحقيقة وبشكل عام - وهو ما يعطي انطباعا عاما عن العرب خاصة الدول النفطية. فهم لا يملكون أي شئ أكثر من البترو – دولار. وهو كاف لإتمام صفقات تجارية مربحة – للغاية - للبائع ومفيدة للمشتري وبالشكل الذي تحدثت عنه. والذين يملكون تلك الأموال ( البترو – دولار ) يملكون أيضا حماستهم وتطيرهم من الخوف علي الإسلام، ويملكون أيضاً وسائلهم للدفاع عن الإسلام المبنية علي فهمهم. وبشكل يغلب عليه قدر كبير من التعصب، وازدراء الباقين بما في ذلك حضاراتهم المغايرة وللشعوب المنتمية لتلك الحضارات وبما يضمن الترويج لفكرة " الإسلام هو الوطن " بديلا عن "الأوطان الأصلية". من هنا يمكن فهم سر العداء لتلك الحضارات واتهامها بالكفر والوثنية. وسر الرغبة في تكسير وتفتيت اللحمة الوطنية للشعوب المنتمية لتلك الحضارات بتقسيم الأفراد لكافر ومؤمن وبث روح الفرقة والتناحر بين مختلف الطوائف.
ولعل الأمر يستلزم أن أوضح ما هو المقصود بمفهوم " بالبترو – دولار خاصة أن هناك الكثير من المثقفين لا يعجبهم استخدام هذا التعبير في الحوارات والكتابات. كما أنهم يرون أنه لا توجد مشكلة من " زيادة العائدات منه طالما كانت تستثمر بالدول النفطية بالشكل اللائق وكما أسلفت في عملية شراء المنتجات الحضارية، مثل استخدامات العائدات النفطية في تمويل بناء مصانع الأسمنت ومحطات الكهرباء وتحلية المياه وشق الطرق وبناء المساكن وزراعة القمح وباقي المحاصيل ... الخ. والحقيقة أن كل ذلك لا يعنيني، وأنه لو تم الأمر بهذا الشكل ووفق احتياجات تلك الدول النفطية فسيصبح من العبث أن نكيل الاتهامات لأداة دفع نقدية هامة ( الدولار ) لعمليات الشراء. لكن الأمر غير ذلك ..
فمع ظهور النفط أو البترول وبدون أي مجهود بشري يذكر من سكان تلك الدول، وزيادة عائداته لحد التخمة، حتى أن تفكيرهم السائد وحسب ما يمليه عليهم المذهب الوهابي يقرر: أن الله قد أعطانا تلك الثروة بالمجان وبدون مقابل، والواجب يحتم علينا " صرف " جزء منها خدمة لله ولدينه، ولمحاربة الكفر ونشر الرسالة.
ويمكن القول بأن اكتشاف النفط وزيادة عائداته السنوية، دون أن يصاحب ذلك أي مجهود بشري منهم كان الشرارة التي أضرمت نار الوهابية في مختلف بقاع الأرض من أجل الهدف الديني الذي نوهت عنه.
وبهذا الفهم يمكن مثلاً تخيل الحجم الحقيقي لزعيم القاعدة بدون ملياراته التي جاءت أساساً من حقول النفط. واعتقد أن القارئ يشاركني الرأي في تقييم منظمة القاعدة وفكرها التكفيري بدون مليارات صاحبها ومؤسسها وقائدها.
من هنا يمكن القول بأن جزء من عائدات البترول من الدولارات التي توزع هنا وهناك لها هدف ديني محدد، يسعون لتحقيقه عبر وسائل عديدة أهمها التخريب والقتل وبنشر مفاهيم منغلقة وقتل كل رغبة في التحرر والتجديد. لهذا السبب يجئ استخدام تعبير البترو- دولار، كأموال سهلة الحصول عليها تجئ من البلاد الدينية النفطية لغرض تحقيق هدف ديني. والمؤكد أنه يصبح من السهل وبتأثير تلك الأموال كسب الكثير من المنتفعين والأرزقية والشيوخ والجهلة وحتي قطاع من المثقفين لنشر "رسالتهم " والحث علي الجهاد كما يرونه بالقتل والترويع والانتحار.
حدث ذلك ويحدث في كثير من الدول بحيث يصبح قتل " أبناء الوطن " بعد إصدار فتاوى تكفيرهم، هو نوع من الجهاد في سبيل الحفاظ علي الدين ورفع شأنه. وضاع مفهوم الوطن بين التمسح الزائف بأصول عرقية " عربية " لا تنتمي من بعيد أو قريب لتلك الأوطان اللهم إلا في الجلباب الأبيض وغطاء الرأس وتكحيل العيون وترديد الكثير من المحرمات، ابتداء من النظرة المريضة للأنثى وضرورة نفيها عن جنسها بالحجاب والنقاب والختان، والأحسن سجنها داخل المنزل ومروراً بتكفير الآخر وعدم التعامل معه ثم حرق الأخضر قبل اليابس ...
والأشد مرارة أن كل ذلك يشكل في تفكيرهم المريض "إطاراً لمفهوم الحرية" - كما يرونها - والتي يجب أن تسود عنوة وعبر وسائل يحرمها الشرع والضمير الإنساني.
ويصبح الحديث عن "الحرية للجميع"، و"حق المواطنة"، و"حرية المرأة"، و"حرية التفكير والإبداع والتجديد"، يصبح كل ذلك ضروباً من الكفر والهرطقة، ولا يسمح بتداول مثلك تلك المفاهيم أو الحوار حولها.
وفي رأيي إن هذا التفكير - الموروث - كان أول مسمار تم دقه بجهل وغباء في نعش الحضارة المفقودة .. ..

للحديث بقية ..

...

أخر الكلام ... لنقرأ ونتدبر المعني والمراد ...

أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [البقرة : 44]
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ [يونس : 99]
وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ [هود : 85]
وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود : 118]
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]
...
عادل محمود
22/06/2008

...


الأحد، أبريل ١٩، ٢٠٠٩

2 - الحضارة والأديان ... الجاهلية والموروثات الجاهلية.

..
2 -

تميز
المجتمع الجاهلي بالقدرة علي قرض الشعر. ومع ذلك يمكنني أن أضيف إلي ما ذكرته في تعريف الحضارة بأن الفكر بشكل عام كمنتج بشري وحيد لا يصنع حضارة ما. غير أنه يمكن القول بأن المجتمع الجاهلي عرف التجارة أيضا، وكانت هناك رحلات تجارية منتظمة، كما عرفوا أساليبها فضلا عن عقد الاتفاقات والمعاهدات .
لا أريد الاستعجال في الحكم علي تلك الفترة لسبب هام وهو أنها كانت الفترة التي سبقت ظهور الإسلام. وبمعني أكثر تحديداً هل استطاع العصر الجاهلي أن يؤسس لحضارة خاصة به؟! أو يرسي خطوة أولي لحضارة قادمة.؟! هل كان لهذا العصر القدرة والإمكانيات لذلك؟!
أفضل أن نتحدث بنوع من التفصيل عن بعض المفاهيم لتلك الفترة. لماذا سميت تلك الفترة بالجاهلية ؟!! من أين جاء الاسم ولماذا سميت بهذا الاسم وما يعنيه؟ وما علاقة كل ذلك بمفهوم الحضارة؟! والأهم من كل ذلك لماذا ظل ما يعرف " بالموروث الجاهلي " باقياً في النفوس والضمائر حتى اليوم؟!
...

الجاهلية
كلمة مأخوذة من الجهل، وتعني نقيض العلم والمعرفة والإدراك إضافة للعجز في التقدير السليم وصحة التفكير والحماقة وسوء المعاملة والطباع. وقد وصم العصر الذي سبق الإسلام بتلك التسمية لأسباب عديدة، فهو عصر اتسم بهمجية التصرفات والفهم والتقدير. وكأمثلة لذلك: الموقف من المرأة بشكل عام (حرمانها من الميراث وإجبارها علي الزواج بغير رضاها) ، ووأد البنات بشكل خاص. والغزوات المتبادلة بين القبائل بقصد السلب والنهب لمصادر الإنتاج الشحيحة، والتي كانت تحديدا تتمثل في هذا الوقت في مساحات الرعي الغنية بالكلأ للماشية والخيول. وسبي النساء واتخاذهن جواري وإماء وأيضا اتخاذ الأسري من الصبية والشباب كعبيد. وما تبع ذلك من ترصد (بالأخر) واعتباره في موضع العداوة المستمرة وما يترتب علي ذلك من جرائم الثأر المتبادلة باستمرار. ويمكن أن نضيف أن شرب الخمر ولعب القمار كان مسموحا ومتاحا بشكل طبيعي. من الطبيعي أن يشكل كل ذلك شكلا مرضيا وجاهلا في التعامل بين الأفراد فضلا عن تعاملهم مع الغير. فكل (آخر) غريب عنهم يقع موقع العدو من فكرهم، فتستحل سرقته وسلبه ونهبه. حتى أن المقولة البدوية لاتزال سارية بينهم حتى الآن: مالا تستطع غنمه فاسرقه.

وقد يكون ما ذكرته قليل من كثير وهو علي كل يعبر عن " شخصية وروح الجماعة" . كجماعة بعيدة كل البعد عن أي معرفة بالعلوم الإنسانية، ومحكومة فقط بعرف القبيلة، ولا تمارس أي إنتاج سوي الرعي والقتال. وما يمكن أن يعطيه أو يضيفه المكان الذي يعيشون فيه وأعني الصحراء لسلوكهم. ومعلوم أن الصحراء في الغالب حارة للغاية خلال شهور الصيف الطويلة، ومجدبة وقاسية. إضافة لندرة المياه وما يتبع ذلك من ندرة لبقية المصادر الأخرى اللازمة للحياة. فضلا عن وفرة العواصف والرياح المحملة بالرمال الناعمة علي مدار العام.

وقد خلق كل ذلك شعوراً عاماً بعدم "الانتماء" لوطن بعينه. سوي انتماء وقتي لمساحة من الصحراء ولحين اندثار أي كلأ بها ليستمر البحث عن مكان جديد. وتحول الانتماء بشكله العملي والمعروف ولأسباب تتعلق بالرغبة في استمرار حياتهم - رغم كل الظروف المعاكسة التي تحدثت عنها - إلي انتماء للقبيلة والعشيرة. فأصبح نوع من الانتماء الذي يدافع عنه البدوي بحياته ضمانا لاستمرارية تواجد القبيلة والعشيرة وبالتالي استمرارية حياته ومعيشته هو.
مثل تلك العلاقة شكلت شخصية (العربي البدوي) في التعامل مع الباقين، وركزت عادات سيئة بعينها مثل السلب والنهب ضماناً لحق القبيلة في الحياة حتى لو كانت معتدية وظالمة لحد الجور علي قبائل أضعف.

ثمة ملحوظة في غاية الأهمية ونحن نتحدث عن ذلك. فقد كان من أوليات إغارة قبيلة علي أخري هو سبي النساء، واتخاذهن جواري وإماء. وما يشكل ذلك من حق للقبيلة المغيرة بتقسيم الغنيمة بين رجالاتهم للتمتع الجنسي بالنساء السبايا دون زواج شرعي ودون موافقة ولاة أمورهن. ولا جدال أن ذلك شكل نوعاً من الإذلال المتناهي والعار الشديد لرجال القبيلة المهزومة. بحيث أصبحت فكرة الدفاع عن الشرف محصورة في الدفاع المستميت عن نساء القبيلة ضد مخاطر السبي من القبائل المغيرة. ذلك شئ طيب بالتأكيد لكنه مع الأسف تحول ومع الوقت إلي خوف وهوس مرضيان علي النساء، باعتبارهم أشياء مملوكة للرجال، ومع أي خطأ فتلك الأشياء ستجلب لا محالة العار والإذلال للرجل. ولعل هذا يفسر إضافة للفقر المدقع ولقسوة الحياة المتناهية خوف الرجال من عدم استطاعتهم تربية بناتهم، والخوف الأعظم من أن يأتي اليوم الذي تتحول فيه بناتهم إلي إماء وجواري للقبائل المغيرة فتفتق ذهنهم عن جريمة وأد البنات الصغيرات ..

لكل تلك الأسباب يمكن فهم الحروب الجاهلية الطاحنة والتي قامت بين القبائل العربية الصحراوية، والغير مبررة – من وجهة نظرنا - والتي استمرت فترات طويلة دون أن يلوح في الأفق أي رغبة حقيقة في التوقف عن القتال وعمليات الإغارة المتبادلة، أو التسليم بوجود منتصر وآخر منهزم، أو علي أحسن الفروض التقابل بين الأطراف المتنازعة لتقرير صيغة تؤمن الحد الكافي من الأمان الإنساني المنشود الذي يكفل حياة كريمة لجميع الأطراف.

ويمكن القول بأن هناك تقسيم لهذا العصر فهناك عصر الجاهلية الأول أو المتقدم والذي يصعب تتبعه ومعرفة أخباره بشكل موثق. كما أن معظم المعلومات الواردة إلينا منه غير موثقة. ثم يأتي العصر الجاهلي المتأخر أو الثاني وهو الذي يسبق الإسلام بنحو مائتان من السنين أو أقل. وتم نقل معلوماته بالحد المتاح والمعروف شفاهة، ولعل الشعر الجاهلي هو أهم تلك المعلومات علي الإطلاق لذلك العصر.

بدأ استخدام مصطلح " الجاهلية " مع ظهور الإسلام للتدليل علي الفترة التي سبقت ظهوره بالجزيرة العربية والتي تخص في تطبيقاتها الدينية والحياتية عرب وبدو القبائل وكما أشرت. وبهذا المفهوم فالمصطلح يعطي دلالة مكانية وتاريخية ويؤشر لنوع من علاقات التناحر والاقتتال والتي كانت سائدة بين القبائل العربية. وبظهور الإسلام تم تغيير تلك العلاقات وتهذيب شخصية البدوي وعلاقات القبائل بعضها ببعض. ووصم الإسلام أيضا هذا العصر بالجاهلي كدلالة دينية وذلك لجهل السابقين المطبق بالأديان، وعبادتهم للأصنام.

والملاحظ أنه ومع مرور الوقت تم التوسع – عن قصد - في استخدام مفهوم الدلالة الدينية لتغطي بتأثيرها شعوباً كثيرة قبل دخولها الإسلام، وليست القبائل العربية فقط. بل أنه يطول أيضاً الشعوب غير المسلمة أصلاً. حتى أن المتشددين وخاصة أصحاب الفكر الوهابي قد وسعوا من تعريفهم لعصر الجاهلية، بحيث أضافوا "جاهلية القرن العشرين" وأرجعوا ذلك لأسباب دينية بحتة من وجهة نظرهم وحسب فهمهم المتشدد للدين.

علي كل، فلكل ماسبق يمكن لنا أن نقول أن الإسلام ظهر في بيئة صحراوية، قبلية، بدوية، تتميز بالحركة من مكان إلي مكان آخر سعياً وراء أراض صالحة للرعي والمعيشة. وهذا يعني علي وجه الخصوص عدم معرفتهم أو انتمائهم لوطن محدد برقعة جغرافية فضلاً عن عدم وجود مثل ذلك الوطن أو الحضر. وبالتبعية لم يكن هناك من أي تفاعل بين " الجماعة في شكلها البسيط " القبيلة – العشيرة" والمكان لإنتاج ما نسميه بمنتجات حضارية خاصة بهم. وعلي النقيض تماماً كان الانتماء بشكل كامل لمفهوم رمزي أطلقوا عليه اسم ( الحمي) ويمثل القبيلة والعشيرة المتحركة في حمايتهم، مؤدية نفس واجب الحماية لهم أيضاً. علاقة فرضتها ظروف القسوة المتناهية في المعيشة والرغبة في الحياة، ولا علاقة بذلك من قريب أو بعيد أو كهدف لهم لم يفكروا فيه علي الإطلاق لإقامة شكل من إشكال الحضارة الإنسانية وما تعنيه من استقرار وإنتاج.

ولعل المهم في الأمر هو توارث تلك القيم الجاهلية حتى بعد دخول الإسلام واستقراره. فنجد اليوم الكثير من المفكرين والعلماء الإسلاميين الذين ينادون بأن الإسلام هو الوطن ويغلبون قيمة " الحمي" الرمزية عن قيمة الوطن المادية والملموسة، وما يعنيه "الوطن" من إضافة وإثراء لقيم إنسانية تشكل روح الجماعة. وما يعنيه أيضا من قيم جغرافية وأخلاقية وسياسية لا يمكن نكرانها. وبهذا المنطق المغلوط وجدنا زعيم الأخوان في مصر يقفز ليقرر أنه في مواجهة المخاطر التي تحيق بالإسلام: " فطظ بمصر وأبو مصر واللي في مصر. "

ومن جانبنا اعتقد أنها أصبحت ضرورة أن نزيل اللبس ونحاول قدر الاستطاعة، وقدر ما يتيحه لنا الوقت والجهد، أن نسعي لمقاومة غسيل المخ الجماعي. بأن نركز – دون تجني - علي أن "الموروث الجاهلي" الذي لايزال موجوداً ومؤثراً بالفعل، وبكل أشكاله الكريهة، ولغير الأسباب التي يقر بها جهابذة المفكرين المتشددين والوهابيين وأصحاب الفكر النفعي من الإسلاميين إضافة للمغرر بهم.
...

آخر الكلام . وكلام له دلالته العميقة لو تدبرنا المعني والمراد.

"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات : 13]


عادل محمود
القاهرة. 8/06/2008

..




الأربعاء، أبريل ١٥، ٢٠٠٩

1 - الحضارة والأديان .. .تعريف الحضارة ...

....

1 -
يبدو أنه لايوجد تعريف واحد يجزم بما هي الحضارة. ومن الطبيعي أن نقول ونحن نتحدث عن ذلك أن تعريف الحضارة أمر منفصل تماما عن التعريفات المتعلقة بأشكال الحضارة. علي العموم كنتيجة يمكن أن نصل إليها دون خلاف أن الحضارة " أي حضارة لمجتمع ما " هي ما أتفق عليه بأنه نتاج الجهد البشري والإنساني (المادي والفكري) لذلك المجتمع خلال وقت محدد. مثال علي ذلك : يمكن القول بأن الفراعنة أنتجوا نظاما متقدما للري والبناء، وأن الفينيقيين أنتجوا نظاما مدهشا للنقل البحري وصناعة السفن. وكل ذلك يعد منتجات أو لنقل أشكالا لحضارات سادت لفترة من الوقت. لكن بالتأكيد - حتى ونحن نتحدث عن ذلك - لايمكن أن نقول أن البناء والعمارة والري أو النقل البحري يعني أنه الحضارة بالمطلق لتلك المجتمعات.

ثمة ملحوظة ثانية وهي تقع ضمن التعريف اللغوي لكلمة حضارة، وعلاقتها بالحضر، أو المدنية، مع التسليم بالفارق بين الحضر والمدنية. وعلي كل يمكن التقابل كما أسلفت بأن الحضارة هي منتج بشري وإنساني لمجموعة من الناس يعيشون في زمن معين ووقت محدد وفي بقعة محددة سواء كانت تلك المساحة تشكل نوعا من الحضر أو كانت هناك مدنية من نوع ما تميز تلك المساحة وناسها تحديدا وليس غيرهم.

ربما يمكنني القول بأن الحديث عن أشكال الحضارة، والخلاف النسبي بين المجموعات البشرية لكل منطقة أو مساحة يعيشون فوقها ولفترة من الزمن واحدة، يعد أسهل وأقرب للذهن والفكر بحيث يمكن أن نستخرج محددات وقيم تفرق بين جهد بشري وآخر أو بين حضارة وأخري.
وبطبيعة الحال فالعلاقة ستكون علاقة تصاعدية بين استخدام تلك المنتجات وسلوك الإنسان. لأوضح الأمر أكثر : يقولون أن الضرورة أو الحاجة أم الاختراع، وهذا هو مايحدث مع كل اختراع أو استكشاف يحدث بالغرب. خذ عندك مثلا " غسالة الملابس " حتى وصولها علي ماهي عليه الآن من غسالة مبرمجة، وليس علي السيدة أو الرجل سوي إلقاء الملابس بداخلها ووضع مساحيق التنظيف، واختيار برنامج التنظيف المطلوب، والباقي معروف فستقوم الغسالة بعمل كل شئ. مثل هذا الاختراع كان له ما يبرره وهو توفير الوقت والتقليل من الاعتماد علي الطاقة العضلية للإنسان المشغول بالإنتاج والعمل. ومعروف أن المرأة في أوربا وأمريكا تعد ضمن الطاقات البشرية العاملة والتي لا غني عنها للإنتاج.

ويمكن أن نضيف أن ماتمتعت به المرأة هناك من حقوق ومساواة كاملة بالرجل، إضافة للتقدم في الإنتاج وما يصاحبه من الحاجة الماسة لعنصر الوقت، بحيث أصبح الغرض من كثير الاختراعات هو توفير الوقت، وإضافة لمسة رفاهية أيضا للإنسان. وأيضا سهولة العمل والاستفادة بما يحقق الأساس الفكري ومن ثم العملي وهو توفير الوقت للإنسان المنتج، فضلا عن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة. لكل ذلك فليس غريبا أن تجد الرجل في أوربا وهو يقوم بغسل ملابس الأسرة باستخدام تلك التقنيات.

وبشكل عام تصبح أمور مثل: نظام العلاج والتعليم والممارسة السياسية، والإبداعية في الفن والفكر والثقافة، والعلاقة مع باقي الدول، والتقدم العلمي وشكل الحكم وما يتيحه من حريات للتعبير، وحرية الصحافة والإعلام عموما، وحرية القضاء .... الخ، وقبل كل ذلك قبوله بتبادل كرسي الحكم مع باقي الفرقاء السياسيين والذين يختلفون معه في النهج والأسلوب. وتلك عينة لمجموعة منتجات (حضارية) خاصة بتجمع بشري يعيش في رقعة حضرية ما وخلال وقت محدد. وما يشكل ذلك من علاقة تصاعدية بين الإنسان وذلك الرصيد التراكمي من تلك المنتجات.والتي تهدف للوصول لمزيد من الإنتاج وزيادة فعاليته وجودته، وبالتبعية المزيد من المنتجات الحضارية لخدمة الإنسان ورفاهيته فضلاً عن القيم الفكرية والثقافية المصاحبة.

ولابد من الإشارة بأن قياس المنتجات (الأشكال) الحضارية لأي تجمع لا يعطي دلالة ما عن تفوق أو عدم تفوق هذا التجمع. ولايمكن فهم محددات (التفوق) دون الرجوع لدراسات مقارنة لتجمعات أخري لنفس المنتج، فضلا عن دراسة العلاقة الجدلية بين الإنسان وهذا المنتج في بلده والبلاد المغايرة.

هل الدين يشكل منتجا أو شكلا حضاريا؟!..
في الحقيقة لا يمكنني التسليم بذلك. لماذا؟! لأن الدين يمثل مجموعة من القواعد والأوامر والنواهي، التي تحل مكان النقطة الهامة والتي ذكرتها وهي علاقة المنتج الحضاري - باعتباره منتجا بشريا - وتفاعله مع الإنسان. فالدين ليس منتجا بشريا. ولأن علاقة التفاعل بينه وبين الإنسان تسير في اتجاه واحد لا يتغير ولا يتبدل، وبمقاييس البشر فهو يشكل علاقة إذعان وليس علاقة إبداع ومعرفة وتطوير.

يمكن للدين أن يشكل قيما أخلاقية رائعة بين الناس بعضهم ببعض، كما أنه يتيح ووفق الفهم السوي للقائمين علي أمور الدين لعلاقة رائعة أيضاً بين الإنسان وخالفه، وهذا ما يجب أن يكون عليه فهم الدين والذي يمكن النظر إليه في هذه الحالة بأنه يشكل رافداً هاما للثقافة وحرية التعبير. لكنه لا يصلح أن يكون بمفرده كل مظاهر التحضر لمجتمع ما.

وعموما - وهذا رأيي - فأن المجتمعات الدينية التي تغلب فهم الدين لرجال الدين وكهنته، هي مجتمعات منغلقة وبعيدة كل البعد عن حديثنا عن الحضارة وقياستها، وباعتبارها وليدة لإرهاصات ومعاناة بشرية وليست حلولا جاهزة آتية من السماء.
لا أعتقد أن الله يقبل بذلك ..

....

آخر الكلام ...
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَال."

القاهرة : الأحد ا/6/08

....

الاثنين، مارس ٣٠، ٢٠٠٩

فهم متخلف وتقديرات خاطئة ...

.
هذا نوع من التعليقات التي ذكرت أنها تضمر نوايا مسبقة وأحكاماً مبيتة. ليسمح لي القارئ أن أضيف تعليق الأستاذ "عبد العظيم المسلم" لموضوعي الحرية والمرأة .. وجدت في هذا التعليق ما يفسر المقال بشكل يدعو للدهشة ودون حاجة لتدخلي. ومع ذلك فليسمح لي القارئ والأستاذ عبد العظيم أن أعقب وأعلق عليه. وقد فضلت عدم تعديل أية كلمة من تعليقه وفضلت أن ألصقه كما هو بالضبط". كتب الأستاذ عبد العظيم:
"وماتقول يأخي فيمل يحدث لتصوير وجوه البنات الغافلات بالمحمول ويقوم أولاد الحرام بإلتقاط صور لوجوه البنات المسدلات الشعر بالمحمول ثم يركبونها بالفوتوشوب على أجسام عارية ويعودون في اليوم التالي يتناقلونها بالبلوتث ويسخرون ويتندرون وتفسخ خطوبة مخطوبات وتطلق متزوجات ووالله العظيم بقرية وليس في مدينة بسب مثل هذه الأفعال زهقت أرواح فما تقول في نعم في أيدي الأنعام ألا يعجب الحجاب مثل هذه المصائب حرية المرآة في سترها وعفتها لا أن تكون مشاعا للكلاب تحمل إختلاف الرأي وأجبتي يرحمك الله إنها مشكلة تربوية تواجهنا كمربين.
وأدعوك لعضوية اتحاد الكتاب العرب على النت فهذا حق لك علينا ولوإختلافنا في وجهات النظر فتجمعنا الكتابة بالعربية والذي خلقنا مختلفين هو الله.أكرر شكري وأرجو قبول الدعوة" .

.
ثمة تناقض واضح في مضمون التعليق، وإن جاهد كاتبه في إخفائه غير أن الكلمات والجمل تبوح به دون تذويق أو إخفاء. فبدلاً من إلقاء اللوم علي "الأنعام وأولاد الحرام والتعبير مأخوذ من كاتب التعليق" فهو يلقي باللوم علي من تترك شعرها مسدلا فوق كتفيها. !!! وهو هنا ليس بأفضل حالاً من فهم الأفغان من الطالبان الذين يرشون وجه أي سيدة اغتصبت تحت التهديد وبقوة السلاح بالحامض المركز لتشويهه.!!! وماذا عن البنات غير المسلمات واللاتي لا يحرم تطبيقات دياناتهم حجب وجه المرأة. ألا يشكل ذلك للكاتب هماً مضافاً كان عليه أن يفكر به.
دعك من أن هذا المرض الذي يمارسه " أولاد الحرام من الأنعام" له أسبابه السياسية والتربوية (بما في ذلك التعليم) والثقافية والاجتماعية وأيضاً الاقتصادية. والتي لا يري كاتب التعليق في أياً منها ما يغريه بالكتابة أو النقاش أكثر من القفز لحل سريع ومباشر بالدعوة لحجب وجه المرأة فذلك هو غاية المراد من رب العباد لتحقيق الحرية المنشودة للمرأة. "فحرية المرأة في سترها وعفتها لا أن تكون مشاعا للكلاب." والتعبير لكاتب التعليق أيضاً.!!!
.
والأمر لا يزيد عن كونه أشبه بالفزاعات التي يخوفون بها الناس أو خيال الماَته الذي ينصبونه وسط الحقول لتخويف الطيور كي تطير بعيدا عن المزروعات." وهو نوع من دفن الرؤوس بالرمال فذلك يضمن الحل الأسهل والأسرع من مواجهة المشكلة بشكلها الحقيقي. والغريب أن تلك الفزاعات تحدث وسط مجتمع تسوده الثقافة الدينية المحافظة لدرجة الجمود خاصة بالقرى كما أشار كاتب التعليق مما يلقي بظلال كثيفة من عدم تصديق الرواية بأكملها.
.
ومع التسليم بأن هناك بالفعل الكثير من التجاوزات التي تحدث مع استخدام التليفون المحمول - والتي لا يمكن تبريرها أو قبولها تحت أية ذريعة – والتسليم أيضاً بتسارع إمكانياته التكنولوجية خاصة في مجال التصوير والعرض. فلابد لي من أن أذكر أن هناك حوادث مماثلة فد حدثت بالفعل خاصة لبعض الفنانات من مختلف الجنسيات. لكن الأمانة تقتضي القول أن كل ذلك لا يشكل قاعدة عامة في استخدام التليفون المحمول ولم تقفز المشكلة لتغطي قري بأكملها وليس مدنا كما يشير كاتب التعليق.
.
والشكر واجب لكاتب المقال أنه بفطنته التي لاتخفي، لم يقترح إلغاء التليفون المحمول بأكمله، وتحريم تداوله بالبيع أو الشراء، مع تحريم حمله أو اجتنابه علي أحسن التقديرات. باعتباره رجزاً من عمل الشيطان. والعودة إلي التواصل والاتصال بين العباد بواسطة الطرق القديمة والتي قد أتحدث عنها فيما بعد. .
والأمر يذكرني بما يتردد حول كيف دخل التليفون العادي (الأرضي) لمملكة الحجاز الإسلامية المحافظة ، بعد أن ظل الملك رافضاً ذلك الأمر. بالرغم أن " المكالمة الأولي " كانت له شخصياً فقد خابره أحدهم من علي بعد مئات الأميال مرددا الدعاء بالصحة والعافية له. غير أنه شعر بالخوف الشديد وظل علي تخوفه وتطيره من هذا الاختراع الشيطاني الذي سيستخدم لا محالة – من وجهة نظره – في معصية الله.!! حتى تفتق ذهن أحدهم أن يسمع الملك الآذان عبر خط التليفون. هنا فقط بدأت عريكة الملك تلين ووافق علي إتمام المشروع.
.
وبطبيعة الحال فقد تغير - مع تقدم الوقت - نمط التفكير خاصة في قيمة أو كمّ استهلاكنا المفرط للتكنولوجيات العصرية، والتي تصل لحد الإفراط في استيراد تلك التكنولوجيا. ويقابل ذلك مع الأسف عدم القدرة علي إنتاجها والذي يصل لحد العجز المرضي والتكاسل المهين. وربما كان ذلك أحد الأفكار التي يجب أن تشغل بال "المفكرين والمثقفين والكتاب في الدول النامية". .
لم يقع كاتب المقال في خطأ الملك بل كنب مقالاً يشيد فيه "بالتليفونات المحمولة" وذكرياته معها، بعد أن نقي المقال من كلمات مثل " الكلاب وأولاد الحرام ". واعتقد أنه يتوجب علي الانتظار طويلاً حتى يراجع كاتب التعليق الكثير من الأمور ويكتب لنا عن أوجه المشكلة الحقيقية سياسية كانت أو ثقافية أو اقتصادية أو تربوية أو هو كل ذلك مجتمعاً. دعك عن مشكلة إمكانية نقل الحضارة أو التكنولوجيا المتقدمة بالشراء كما يتوهم البعض.
.
وعلي كل وبفرض صحة الرواية التي جاءت بالتعليق، فذلك يؤكد ما نسعى إليه من أن السائد للأسف يعد ثقافة متخلفة لا تفكر في المرأة إلا باعتبارها وعاءً لممارسة إن لم يكن الجنس الشرعي فهو أيضاً وعاء لممارسة الرزيلة حتى وإن كانت واقفة أمام منزلها أو كانت تعبر الشارع. فالزوجة – مثلاً - ووفق الكثير من الاجتهادات ليس لها سوي موافقة الزوج في أي وقت يدعوها لممارسة الجنس. دعك من تجاهل الناحية البيولوجية للمرأة باعتبار ممارسة الجنس حاجة لها أيضاً مثل ماهي حاجة للرجل، وعدم الأخذ في الاعتبار بحق المرأة " الإنساني والأخلاقي " في قبول أو رفض تلك الدعوة لأسباب تعود إليها سواء كانت تلك الأسباب نفسية أو عضوية أو حتى لمجرد عدم الرغبة أو عدم القبول ذاته ساعة دعوة الرجل لها. وكل ذلك معروف – الآن – ويشكل أو يجب أن يشكل جزءً ولو ضئيلاً من ملامح ثقافتنا وسلوكنا مع المرأة. وللمزيد حول نفس الموضوع يمكن للقارئ - إذا رغب - قراءة المقال: المرأة والرجل والبترودولار ...
.
ولعل الكاتب وطالما تطير لحد الهلع من تلك المشكلة التي يحدثنا عنها يكون أكثر حكمة وثقافة " في اتجاهها الذي يفضله" - خاصة أنه لا يري أن للمشكلة أوجهها العديدة- وبدلاً من أن يقفز ببراعة، ليأتينا بحله السهل أن يكتب لنا عوضاً عما اقترحته عليه، في أو حول أدبيات التمتع " جنسياً " بالوليدة أو بالبنت صغيرة السن". وهو موضوع شغل الكثيرون من السلف الصالح بالبحث فيه والفتوى له.!!! ولا يزال يجد حتى الآن من يروج له بعد أن أعطته تلك الفتاوى مبرره الشرعي. .
والكاتب لا ينسي أن يتلاعب - بالمرة - بما أؤمن به فيدعوني " لتحمل اختلاف الرأي" ولن أعقب بأكثر أنني أتحمله وسأنشره كإضافة للمقال مع إعطاء الحق لنفسي في الرد. وهو يري إنها مشكلة تربوية تواجهنا كمربين. وبالتأكيد فصيغة الجمع في مقولته تعنيه هو وغيره ممن يجدون في مثل تلك التفسيرات الملاذ الآمن. وكل ما يمكنني قوله أنك –كمربي– وبهذا الفهم الذي طرحته ستزيد من المشكلة سوءً وستخلق متعمداً حالة من الظلمة وسوء التقدير. وانك وبهذا التوصيف لا تصلح أن تكون بأكثر من داعية لمذهب متخلف لا يصلح ولا يفيد لا الوطن ولا العباد. ربما لو كنا في بدايات القرن الثامن عشر لكان من الممكن أن تكون داعيا ناجحا ومربيا ذو شأن.
وأخيراً ...
دعوة لي من الكاتب وإن كانت ليست بالدعوة الكريمة:
وأدعوك لعضوية اتحاد الكتاب العرب على النت فهذا حق لك علينا ولوإختلافنا في وجهات النظر فتجمعنا الكتابة بالعربية والذي خلقنا مختلفين هو الله . أكرر شكري وأرجو قبول الدعوة.
أترك القارئ لتدبر المعني، وكيف صيغت كلمات الدعوة. وأي عناء كان الكاتب واقعاً تحت تأثيره وهو يدعوني، ويا للعجب لممارسة حق لي. وأترك الأمر لفطنة الكاتب والقارئ بماذا سيكون ردي علي دعوته.
أشكر الأستاذ عبد العظيم المسلم.
تحياتي للجميع
.

آخر الكلام:
يحضرني مقطعاً صغيراً من قصيدة جميلة لشاعرة عراقية صغيرة السن تقول فيه:

.
أصابعك :
حين تقطف زهرة
حين تمسح جبين طفل
حين تقتل انسانا
خمسة أصابع

.



عادل محمود
القاهرة 30/3/2009
.

السبت، مارس ٢٨، ٢٠٠٩

2- الحرية والمرأة ...

أهتم للغاية برأي القارئ وتعليقه علي ما أكتب. وعدا بعض التعليقات التي ضمرت نوايا مسبقة فقد جاء العديد من القراء بمشاركات رائعة أضافت لي الكثير من فهم الموضوع. واعتقد أنه قد يكون في هذا التذييل بعض الفائدة للرد بشكل موسع علي كافة المداخلات التي تفضل أصحابها بكتابتها لموضوعي الحرية والمرأة. عدا تلك التعليقات التي أشرت اليها بانها تضمر نوايا مبيتة وأحكاما مسبقة فسأقوم بالرد عليهم بشكل منفصل.

بالفعل، في موضوعي عن حرية المرأة، يمكن رصد عدم اهتمام الثقافة المتخلفة السائدة الآن بأكثر من الشكل الخارجي لجسد المرأة. فهو الذي يجلب الفسق والعصيان من وجهة نظرهم. حتى أن الكثير منهم يقفزون لما هو أبعد من ذلك بدعوتهم بلا كلل لما هو أزيد من الحجاب. فهم يدعون للنقاب ودون سند أو مبرر شرعي. وكيف أن النقاب يحمي (الرجال) من الغواية، قبل أن يحمي النساء بطبيعة الحال.
فالمرأة عندهم وبكل أجزاء جسدها الذي كرمها به الله، مصدرا لغواية الرجل وإلهائه عن أمور دينه وإبعاده عن العبادة.!!! وكأن حق العبادة خاص بالرجل فقط. وكأنه - أي الرجل - لا يشكل عامل إغواء وإثارة للمرأة أيضا، ذلك إذا سلموا بأن حق العبادة مكفول للمرأة أيضاً. هل هذا يستدعي أن تطالب المرأة بأن يكون الرجل محجباً أو منقباً درءً للمعصية، وتحسباً من الوقوع في الرزيلة.
.
والغريب أنك تجد منهم من يقول أن الحجاب والنقاب هو لحماية المرأة قبل الرجل.!! حمايتها من ماذا؟ يقولون من الاعتداء عليها جنسياًً. في السعودية يحرم علي الرجل العمل كسائق خاص لسيارة أية امرأة ولا يجدون حرجاً أن يكون هذا السائق أجيراً أجنبياً. والتناقض هنا واضح فكأن هذا الأجير ليس برجل، له أيضاً شهواته، وكأن الأنثي التي تجلس خلفه تراه شيئا مخالفا لجنس الرجال.!! وقد يكون حل تلك المشكلة في غاية البساطة إذا أعطوا المرأة الحق في قيادة سيارتها بنفسها. وحتى الآن فذلك غير جائز شرعاً.!!
..
ويبدو أن هذا التفكير له جذوره القديمة والمتأصلة بفعل المعيشة في الصحراء. وما يعني ذلك من جدب الحياة وفقرها، والقتال من أجل حق الرعي، وما يتبع ذلك من سبي للنساء، وما يعنيه من عار مضاف للهزيمة يلحق بالعشيرة أو القبيلة المهزومة. ومع تغير الحال، ودخول الإسلام بتعاليمه السمحة. لم يستطع أولئك البدو تجاوز أو نسيان الجذور القديمة وكل ما ترسب بداخلهم من تربية صحراوية شرسة. وبدلاً من أن يهذب الإسلام نفوسهم ومشاعرهم، ويدفع - خاصة - الرجال منهم لاحترام جنس المرأة وليس التفكير بهذا الشكل المريض كلما صادف الفرد منهم أنثي تعبر الطريق.!! هل هذا منطقي وعادل.؟!!
.
ومع سجن جنس الأنثي بأكمله ووفق تلك المخاوف السقيمة، والتي شكلت مع الأسف ثقافة سائدة أوجز وصفها المرحوم الشيخ الغزالي حين قال عنها: أنها ثقافة المرحاض.!
كأنهم يعلمون حكمة الخلق أكثر من الله نفسه، فلسان حالهم يقول: حسناً، لقد خلقت لنا يارب هذا المخلوق الجميل.!! لتدفعنا تلك الأنثي بما أعطيتها من جمال ورقة لممارسة الرزيلة. وتجعلنا نبعد عن طريق عبادتك وطاعتك وحبك. فالحكمة تقتضي أن نسجن هذا المخلوق اتقاء لشره الذي يمكن أن يحدث لو تركناه ( حراً ) يسير ويعمل ويشارك ويعمر كما اقتضت مشيئتك.
.
لا أعتقد أن الله أعطاهم هذا الحق ولا الشرع يمكن أن يعطيهم هذا الحق، ولا التفكير السوي. لذا فهم يكرهون لحد التطير أية دعوة للتجديد أو الإصلاح، أو مجرد التفكير بطريقة تخالف مقاصدهم ونواياهم. كما يكرهون ويمقتون أية دعوة لحرية الوطن والعباد كافة.
.
وأنا هنا أتحدث عن حرية لا تفرق بين الرجل والمرأة، ولا بين الأسود والأبيض، وهي أيضاً لا تفرق بين الناس لدياناتهم ومعتقداتهم. الكل سواسية ومتساوون ومأمورون بالعمل والسعي والكد لتعمير الأرض والارتقاء بالأرواح والمشاعر، وهي أيضا حرية المواطنة وقبول الآخر.
وفي نفس الوقت فهم يفصلون حرية خاصة بهم، تناسب تفكيرهم السقيم. فيصادرون حرية وكيان وأنوثة المرأة. ويجاهدون في غباء للحجر علي الآخرين وعدم قبولهم والنفور منهم وضمر العداء لهم. لكنها وفي نفس الوقت هي حرية للحى وكم يتوجب أن يكون طولها، وحرية للسراويل وتكحيل أعين الرجال (وليس النساء)، وحرية أن يسود الحجاب والنقاب، وحرية تكفير من يخالفهم. وحرية الجهاد بالقتل وبالانتحار وترويع الآمنين. وجر البلاد والعباد لمنظومة متكاملة من التخلف والجهل والاقتتال بين مختلف الطوائف.
وهي حرية قتل كل حلم بالتقدم والتنوير والتطوير والتحديث. فكل ذلك في عرفهم هرطقات. فالأهم عندهم من كل ذلك هو إرضاء الله بتطويل اللحية، وكيف تربط عمامة المجاهد، وكيف يتوجب عليه النطق بالشهادة قبل أية عملية انتحارية. أو شكر الله إذا نجح في تفجير بعض القنابل عن بعد لقتل فقراء المسلمين. وهي أيضاً حرية الجهاد الأحمق ضد كل من لا ينتمي لهم بالعقيدة والفكر والفهم والأسلوب.
.
ثم !!!
لا شئ أكثر من تنظير ودفاع باطل لا يمس سوي المظهر أو الشكل الخارجي، ويسجنه ويزيفه لدرجة التشويه، والتبعية الذليلة لأفكارهم الحمقاء. هل من الممكن أن نتوهم أن هذا المسخ الذي يشوهونه كل يوم للرجل وليس للمرأة فقط هو خليفة الله في الأرض، الذي خلقه وكرمه وأسند إليهما مهاما لا تليق إلا بالإنسان.
كل الود والتقدير للجميع.
..
يمكن للقارئ الرجوع لأصل المقال المعنون: الحرية والمرأة (اضغط)
.....
عادل محمود
القاهرة. 8/3/2009
...