الاثنين، مارس ٣٠، ٢٠٠٩

فهم متخلف وتقديرات خاطئة ...

.
هذا نوع من التعليقات التي ذكرت أنها تضمر نوايا مسبقة وأحكاماً مبيتة. ليسمح لي القارئ أن أضيف تعليق الأستاذ "عبد العظيم المسلم" لموضوعي الحرية والمرأة .. وجدت في هذا التعليق ما يفسر المقال بشكل يدعو للدهشة ودون حاجة لتدخلي. ومع ذلك فليسمح لي القارئ والأستاذ عبد العظيم أن أعقب وأعلق عليه. وقد فضلت عدم تعديل أية كلمة من تعليقه وفضلت أن ألصقه كما هو بالضبط". كتب الأستاذ عبد العظيم:
"وماتقول يأخي فيمل يحدث لتصوير وجوه البنات الغافلات بالمحمول ويقوم أولاد الحرام بإلتقاط صور لوجوه البنات المسدلات الشعر بالمحمول ثم يركبونها بالفوتوشوب على أجسام عارية ويعودون في اليوم التالي يتناقلونها بالبلوتث ويسخرون ويتندرون وتفسخ خطوبة مخطوبات وتطلق متزوجات ووالله العظيم بقرية وليس في مدينة بسب مثل هذه الأفعال زهقت أرواح فما تقول في نعم في أيدي الأنعام ألا يعجب الحجاب مثل هذه المصائب حرية المرآة في سترها وعفتها لا أن تكون مشاعا للكلاب تحمل إختلاف الرأي وأجبتي يرحمك الله إنها مشكلة تربوية تواجهنا كمربين.
وأدعوك لعضوية اتحاد الكتاب العرب على النت فهذا حق لك علينا ولوإختلافنا في وجهات النظر فتجمعنا الكتابة بالعربية والذي خلقنا مختلفين هو الله.أكرر شكري وأرجو قبول الدعوة" .

.
ثمة تناقض واضح في مضمون التعليق، وإن جاهد كاتبه في إخفائه غير أن الكلمات والجمل تبوح به دون تذويق أو إخفاء. فبدلاً من إلقاء اللوم علي "الأنعام وأولاد الحرام والتعبير مأخوذ من كاتب التعليق" فهو يلقي باللوم علي من تترك شعرها مسدلا فوق كتفيها. !!! وهو هنا ليس بأفضل حالاً من فهم الأفغان من الطالبان الذين يرشون وجه أي سيدة اغتصبت تحت التهديد وبقوة السلاح بالحامض المركز لتشويهه.!!! وماذا عن البنات غير المسلمات واللاتي لا يحرم تطبيقات دياناتهم حجب وجه المرأة. ألا يشكل ذلك للكاتب هماً مضافاً كان عليه أن يفكر به.
دعك من أن هذا المرض الذي يمارسه " أولاد الحرام من الأنعام" له أسبابه السياسية والتربوية (بما في ذلك التعليم) والثقافية والاجتماعية وأيضاً الاقتصادية. والتي لا يري كاتب التعليق في أياً منها ما يغريه بالكتابة أو النقاش أكثر من القفز لحل سريع ومباشر بالدعوة لحجب وجه المرأة فذلك هو غاية المراد من رب العباد لتحقيق الحرية المنشودة للمرأة. "فحرية المرأة في سترها وعفتها لا أن تكون مشاعا للكلاب." والتعبير لكاتب التعليق أيضاً.!!!
.
والأمر لا يزيد عن كونه أشبه بالفزاعات التي يخوفون بها الناس أو خيال الماَته الذي ينصبونه وسط الحقول لتخويف الطيور كي تطير بعيدا عن المزروعات." وهو نوع من دفن الرؤوس بالرمال فذلك يضمن الحل الأسهل والأسرع من مواجهة المشكلة بشكلها الحقيقي. والغريب أن تلك الفزاعات تحدث وسط مجتمع تسوده الثقافة الدينية المحافظة لدرجة الجمود خاصة بالقرى كما أشار كاتب التعليق مما يلقي بظلال كثيفة من عدم تصديق الرواية بأكملها.
.
ومع التسليم بأن هناك بالفعل الكثير من التجاوزات التي تحدث مع استخدام التليفون المحمول - والتي لا يمكن تبريرها أو قبولها تحت أية ذريعة – والتسليم أيضاً بتسارع إمكانياته التكنولوجية خاصة في مجال التصوير والعرض. فلابد لي من أن أذكر أن هناك حوادث مماثلة فد حدثت بالفعل خاصة لبعض الفنانات من مختلف الجنسيات. لكن الأمانة تقتضي القول أن كل ذلك لا يشكل قاعدة عامة في استخدام التليفون المحمول ولم تقفز المشكلة لتغطي قري بأكملها وليس مدنا كما يشير كاتب التعليق.
.
والشكر واجب لكاتب المقال أنه بفطنته التي لاتخفي، لم يقترح إلغاء التليفون المحمول بأكمله، وتحريم تداوله بالبيع أو الشراء، مع تحريم حمله أو اجتنابه علي أحسن التقديرات. باعتباره رجزاً من عمل الشيطان. والعودة إلي التواصل والاتصال بين العباد بواسطة الطرق القديمة والتي قد أتحدث عنها فيما بعد. .
والأمر يذكرني بما يتردد حول كيف دخل التليفون العادي (الأرضي) لمملكة الحجاز الإسلامية المحافظة ، بعد أن ظل الملك رافضاً ذلك الأمر. بالرغم أن " المكالمة الأولي " كانت له شخصياً فقد خابره أحدهم من علي بعد مئات الأميال مرددا الدعاء بالصحة والعافية له. غير أنه شعر بالخوف الشديد وظل علي تخوفه وتطيره من هذا الاختراع الشيطاني الذي سيستخدم لا محالة – من وجهة نظره – في معصية الله.!! حتى تفتق ذهن أحدهم أن يسمع الملك الآذان عبر خط التليفون. هنا فقط بدأت عريكة الملك تلين ووافق علي إتمام المشروع.
.
وبطبيعة الحال فقد تغير - مع تقدم الوقت - نمط التفكير خاصة في قيمة أو كمّ استهلاكنا المفرط للتكنولوجيات العصرية، والتي تصل لحد الإفراط في استيراد تلك التكنولوجيا. ويقابل ذلك مع الأسف عدم القدرة علي إنتاجها والذي يصل لحد العجز المرضي والتكاسل المهين. وربما كان ذلك أحد الأفكار التي يجب أن تشغل بال "المفكرين والمثقفين والكتاب في الدول النامية". .
لم يقع كاتب المقال في خطأ الملك بل كنب مقالاً يشيد فيه "بالتليفونات المحمولة" وذكرياته معها، بعد أن نقي المقال من كلمات مثل " الكلاب وأولاد الحرام ". واعتقد أنه يتوجب علي الانتظار طويلاً حتى يراجع كاتب التعليق الكثير من الأمور ويكتب لنا عن أوجه المشكلة الحقيقية سياسية كانت أو ثقافية أو اقتصادية أو تربوية أو هو كل ذلك مجتمعاً. دعك عن مشكلة إمكانية نقل الحضارة أو التكنولوجيا المتقدمة بالشراء كما يتوهم البعض.
.
وعلي كل وبفرض صحة الرواية التي جاءت بالتعليق، فذلك يؤكد ما نسعى إليه من أن السائد للأسف يعد ثقافة متخلفة لا تفكر في المرأة إلا باعتبارها وعاءً لممارسة إن لم يكن الجنس الشرعي فهو أيضاً وعاء لممارسة الرزيلة حتى وإن كانت واقفة أمام منزلها أو كانت تعبر الشارع. فالزوجة – مثلاً - ووفق الكثير من الاجتهادات ليس لها سوي موافقة الزوج في أي وقت يدعوها لممارسة الجنس. دعك من تجاهل الناحية البيولوجية للمرأة باعتبار ممارسة الجنس حاجة لها أيضاً مثل ماهي حاجة للرجل، وعدم الأخذ في الاعتبار بحق المرأة " الإنساني والأخلاقي " في قبول أو رفض تلك الدعوة لأسباب تعود إليها سواء كانت تلك الأسباب نفسية أو عضوية أو حتى لمجرد عدم الرغبة أو عدم القبول ذاته ساعة دعوة الرجل لها. وكل ذلك معروف – الآن – ويشكل أو يجب أن يشكل جزءً ولو ضئيلاً من ملامح ثقافتنا وسلوكنا مع المرأة. وللمزيد حول نفس الموضوع يمكن للقارئ - إذا رغب - قراءة المقال: المرأة والرجل والبترودولار ...
.
ولعل الكاتب وطالما تطير لحد الهلع من تلك المشكلة التي يحدثنا عنها يكون أكثر حكمة وثقافة " في اتجاهها الذي يفضله" - خاصة أنه لا يري أن للمشكلة أوجهها العديدة- وبدلاً من أن يقفز ببراعة، ليأتينا بحله السهل أن يكتب لنا عوضاً عما اقترحته عليه، في أو حول أدبيات التمتع " جنسياً " بالوليدة أو بالبنت صغيرة السن". وهو موضوع شغل الكثيرون من السلف الصالح بالبحث فيه والفتوى له.!!! ولا يزال يجد حتى الآن من يروج له بعد أن أعطته تلك الفتاوى مبرره الشرعي. .
والكاتب لا ينسي أن يتلاعب - بالمرة - بما أؤمن به فيدعوني " لتحمل اختلاف الرأي" ولن أعقب بأكثر أنني أتحمله وسأنشره كإضافة للمقال مع إعطاء الحق لنفسي في الرد. وهو يري إنها مشكلة تربوية تواجهنا كمربين. وبالتأكيد فصيغة الجمع في مقولته تعنيه هو وغيره ممن يجدون في مثل تلك التفسيرات الملاذ الآمن. وكل ما يمكنني قوله أنك –كمربي– وبهذا الفهم الذي طرحته ستزيد من المشكلة سوءً وستخلق متعمداً حالة من الظلمة وسوء التقدير. وانك وبهذا التوصيف لا تصلح أن تكون بأكثر من داعية لمذهب متخلف لا يصلح ولا يفيد لا الوطن ولا العباد. ربما لو كنا في بدايات القرن الثامن عشر لكان من الممكن أن تكون داعيا ناجحا ومربيا ذو شأن.
وأخيراً ...
دعوة لي من الكاتب وإن كانت ليست بالدعوة الكريمة:
وأدعوك لعضوية اتحاد الكتاب العرب على النت فهذا حق لك علينا ولوإختلافنا في وجهات النظر فتجمعنا الكتابة بالعربية والذي خلقنا مختلفين هو الله . أكرر شكري وأرجو قبول الدعوة.
أترك القارئ لتدبر المعني، وكيف صيغت كلمات الدعوة. وأي عناء كان الكاتب واقعاً تحت تأثيره وهو يدعوني، ويا للعجب لممارسة حق لي. وأترك الأمر لفطنة الكاتب والقارئ بماذا سيكون ردي علي دعوته.
أشكر الأستاذ عبد العظيم المسلم.
تحياتي للجميع
.

آخر الكلام:
يحضرني مقطعاً صغيراً من قصيدة جميلة لشاعرة عراقية صغيرة السن تقول فيه:

.
أصابعك :
حين تقطف زهرة
حين تمسح جبين طفل
حين تقتل انسانا
خمسة أصابع

.



عادل محمود
القاهرة 30/3/2009
.

ليست هناك تعليقات: