الاثنين، يناير ١٩، ٢٠٠٩

1 - الحرية والمرأة ....

.
لا أعتقد انه يجب علينا نقسم الحرية إلي أجزاء فنقول هذه حرية للرجل وتلك حرية للمرأة. لن تكون قسمة عادلة ولن نرضي لا الرجل ولا المرأة، ولن نصل إلا لنوع من مسخ الحرية للحد التي تصبح فيه شئ آخر لا ينبغي أن نسميه بالحرية. الحرية كل لا يتجزأ. وكما هي مطلب هام وثمين للرجل فهي كذلك للمرأة.
قد يحدث نوع من التعارض وعدم الفهم والخلط بين واجبات الرجل وواجبات المرأة وكل هذا ليس له علاقة بإطار الحرية الرحب الذي يجب أن يحيط بكل من الرجل والمرأة. حتى أنه يخفف من حدة عدم الفهم والخلط والتعارض. ويحل محل كل ذلك قبول الرجل للمرأة كمخلوق مساو له تماما ومشارك له بنفس الحصة، وربما أزيد في أحيان كثيرة في رحلة الحياة وتحمل مصاعبها والتمتع بها وتعمير الأرض.
إذن حرية المرأة كما أراها هي نفس حرية الرجل التي ينشدها. وكما أقول دائما فكل ما يقيد الحرية هو من صناعة الرجل، ما دامت دانت له القدرة علي التحكم وصنع القرار بما في ذلك قراره بتلويث العقول والأفكار خلافا للفهم السليم والصحي والسوي لصحيح الدين.

ثمة سؤال أطرحه علي نفسي : هل كان بغير تلك الردة الدينية وما شكلته من هجوم وتطرف غبي أن يدين لهم المجتمع بهذا الولاء السخيف وتلك الطاعة العمياء.؟! هل كان بإمكانهم وبدون تلك الردة القدرة علي وأد حرية المرأة وأيضا الرجل.؟ كان تركيزهم - ولا يزال - أشد علي المرأة وقتل كل شعور لديها بالتساوي، أو حتى التكامل مع الرجل، وفصل جنسها عن جنس الرجل باعتباره هيكلا للرزيلة ودافعا لممارستها.

والمؤكد أن الثقافة المصاحبة لتلك الردة هي ثقافة متخلفة، وكما أنوه دائما بأنها ثقافة الصحراء وتشددها الغبي والأعمى والجاهل، وهي بكل المقاييس لا تعبر عن ثقافة البلدان التي زرعت بها تلك الثقافة وهذا الفهم الغبي للدين. تحدثت كثيرا وسأتحدث دون ملل عن تأثير الأموال المعبقة برائحة الجاز، والملوثة بفهم الصحراء المتخلف للحياة والدين والحرية والمرأة والرجل. وكله لا يمت لنا بصلة ولا إلي ثقافتنا، ولا إلي فهمنا المبني علي اعتبارات تاريخية وجغرافية كثيرة، فضلاً عن الموروثات الحضارية الرائعة وأيضاً الدينية.
.
أيجب إلغاء كل تلك المؤثرات، والتي أخذت بيد الشخصية المصرية لتكسبها قيماً عظيمة من التسامح والإخاء وحب المعرفة والتطلع إلي التواصل وقبول الآخر، بل والاندماج والتعايش معه لحد الانصهار في البوتقة المصرية. هل يجب إلغاء وتدمير كل ذلك إرضاء لفهم متشدد وغبي، يأتي من أهل الصحراء وما يحملون في جعبتهم من مذهب شاذ وتصرفات أكثر شذوذاً.؟ حتى مع قبولنا بالدين الإسلامي واللغة العربية.؟!! ألم يكن من الأصح والأسلم والأصلح لنا أن تظل لنا خصوصيتنا المميزة كمصريين؟!.

لكل ذلك فلا غرابة أن يفرضوا الحجاب علي المرأة. أليس في ذلك إهانة للمرأة ومحاولة متعمدة لمسخ شخصيتها. لماذا ؟ ليؤمنوا شرها وليؤمنوا ولائها بل خضوعها التام لسطوة فكرهم. المرأة يجب أن تكون دوما مخلوقا خانعا وخائفا وذليلا لضمان سطوة تفكيرهم المريض علي مقاليد الأمور. وياليتهم برعوا في شيء أكثر من ذلك.!

المرأة بكل تلك الحسابات لم تعد سوي أسيرة بالمعني الفعلي للكلمة كأولئك النساء الأسري (الكفرة) لدي طالبان.! فحتى الآن هناك نساء لا يمكنهم مغادرة منازلهم إلا للحالات الطارئة وبشرط أن يتم ذلك ليلا وفي الظلمة وحتى ضوء القمر لا يفيد في تلك المهام.!

حدثني أحد الرجال الذي يسكن الواحات ويعمل مرشدا سياحيا بما هو أقسي وأمر من كل ذلك. ضمن ما قاله أن المرأة ( ويعني زوجته ) لا تستمع بالجنس وأن الجنس بالنسبة لها هو واجب عليها أن تؤديه إرضاء للرجل حتى لو كانت نائمة، فكل ما عليه أن يباعد بين ساقيها ليؤدي مهمته. أو أن تفعل هي نفس الشئ بمجرد شعورها بمقدمه حتى ينهي الرجل عمله لتعاود النوم ثانية !!
وحين سألته ولماذا كل ذلك؟ ولماذا لا تستمتع المرأة أيضا؟!! أجابني ضاحكا بسبب الختان. وعلي كل فذلك أفضل لها.!
.
الحجاب نوع آخر من الختان وهو ضمن الوسائل التي ابتدعوها لنفي المرأة عن جنسها وكيانها وإحساسها بأنوثتها. وأعترف أنهم نجحوا في ذلك لحد بعيد، بحيث أصبحت المرأة الآن كائنا مهمشا ومسخا لا يعرف حقوقه ولا تشعر بأنوثتها حتى أنها تكون أول المهللين والمصفقين والمؤيدين لهم.

حاولت أن أجد ما يفيد أن الله قد شرع ملبسا شرعيا للمرأة. فلم أجد، الله لم يشرع ذلك للرجل ولا للمرأة أيضا. ولو شرع الله ملبسا للرجل لشرع ذلك أيضا للمرأة لكنه لم يفعل.
يتردد حاليا سؤال بين العامة وأري أنه يتوجب علينا التصدي له: هل يعني الحجاب عفة المرأة أو دليلا عليها.؟ وبالتأكيد إجابتي ستكون بلا. لأن ذلك ببساطة يجر للأذهان وللفهم أن عدم التحجب يعني عدم العفة.

أنظركيف يعامل الشاب العربي أي سيدة أو فتاة غير محجبة أو عند سفره للخارج. الخطوة الأولي يبدأ التعامل معها باعتبارها بغي أو داعرة لأن هذا هو ما بداخله وما تربي عليه. وأنها ما دامت غير محجبة فهي غير عفيفة والخطوة الثانية معلومة بطبيعة الحال.
.
هي إذن مجرد أقاويل وترهات زرعوها بذهن الرجل والمرأة. والمصيبة أنها صارت تشكل ثقافة للمجتمع وتسربت لوجدان المرأة والرجل فأصبح الحجاب رمزا للدين والطهارة والعفة وعدا ذلك فهو النقيض تماما.

ولعلنا بحاجة إلي وقفة مع ارتداء الفنانات للحجاب. رأيي الشخصي أن الفنانة حرة أن ترتدي ما شاءت. سواء ارتدت الحجاب أو البكيني فذلك في تقديري يعود لحريتها الشخصية وقرارها وتقديرها للأمور، ضمن ذلك استمرارها بالعمل في مجال الفن أو اعتزالها. المهم أن ذلك ليس بمبرر كاف أو مقنع أو منطقي أن تتحول بين ليلة وأخري إلي داعية وتتقمص شخصية رابعة العدوية.

ذلك شيء لا أحترمه في أي فنانة تدعي ذلك، وأشعر أنها لا تزال (تمثل) لكنها في هذه المرة تلعب دورا ليس بحجمها، وأنها تبالغ في تأديتها لهذا الدور. مع أنني لا أخلط كل تلك الأمور بعملها. فلا يمكن أن أتهم شمس البارودي بالانحلال والتبرج لأنها لعبت أدوارا لفتيات ليل فذلك موضوع آخر وتقييمه يخضع بالأساس لإعتبارات فنية تتعلق بالدور الذي لعبته تلك الفنانة أو غيرها. وأعتقد أن أحد مقاييس نجاح الفنان قدرته علي تقمص الشخصية، فإذا نجحت فنانة أن تعطينا الإحساس بأنها مثلت بإجادة شخصية (المومس)، فليس لنا أن نتغابى مثل بعضهم ونشن عليها حربا ونرفع عليها قضايا (الحسبة) من أجل ذلك الأمر متهمين إياها بالابتذال والدعارة.

المسألة الهامة هي أن الفنانة ينبغي عليها فهم ذلك. وهي بالتأكيد تفهمه، فليس هناك من مبرر أن تتنكر وتخجل من عملها في مجال الفن أو من أدوار بعينها قد لعبتها لبعض الأفلام أو تتنصل من تاريخها الفني لنفس السبب. من أجل ذلك فأنا أحب وأقدر بل وأعشق صوت الفنانة الراحلة (الحاجة هدي سلطان)، لماذا لأنها كانت – رحمها الله – واعية وفاهمة لكل ذلك. قالت في أحد المقابلات التلفزيونية معها بأنه ليس هناك ما يشعرها بالخجل من عملها سواء في الماضي أو حتى بعد أن ارتدت الحجاب. الله يرحمها.
.
.

ليست هناك تعليقات: