الاثنين، يناير ٠٥، ٢٠٠٩

كيف تولد ألحان الأغاني.


من الأمور التي تبهرني الاستماع إلي لحن جميل سواء كان لحن أغنية أو مجرد قطعة موسيقية. أنبهر وأتساءل : كيف يجئ الملحن بكل تلك التركيبات الموسيقية الجميلة؟ أو بمعني أكثر تحديدا كيف تجئ عملية الخلق أو الولادة لذلك الجمال.
منذ مدة طويلة كان هناك مسلسل تلفزيوني أسمه "الضوء الشارد" تتبعت هذا المسلسل منذ بدء موسيقي التتر وحتى موسيقي النهاية . واعتبرته أحد الأعمال الدرامية الناجحة، والتي أبدع فيها جميع العاملين به خاصة ممدوح عبد العليم في تقمصه لشخصية رفيع بك. المهم اعتقدت أنني ربما أكون الوحيد المبهور بموسيقي التتر حتى فوجئت بفرقة موسيقية كاملة (أركسترا) تعزفه كأحد المقطوعات الجميلة بأحد الحفلات. اللحن في حد ذاته بسيط ويتم علي شكل حوار بين آلة شعبية وتحديدا صعيدية (الربابة) وبين جميع آلات الأركسترا..

وأتذكر أن عبد الوهاب له رأي في هذا الموضوع: كيف يولد اللحن؟! قال أن الأمر أشبه بالخاطرة التي تجئ له وليس عليه سوي اقتناصها. وكأن الأمر أشبه بالوحي. ويتفق معظم الملحنين علي أن هناك بعض الألحان يأتي "مدخلها" بسرعة كبيرة، بينما هناك ألحان أخري تحتاج ربما لسنين طويلة حتى يأتي المدخل أو الخاطرة أو لحظات المخاض التي تسبق الولادة. طبعا أقصد ولادة اللحن. والأمر بهذا الشكل يجعل كافة عمليات الخلق والإبداع الفني في تساو. الشعر، القصة، المسرحية والنحت ... الخ. المهم كيف تجئ "الفكرة" أو "الإلهام" الذي يجعل الفنان يضع قدمه فوق الخطوة الأولي بعد أن كانت معلقة بين السماء والأرض. التي ما أن تجئ حتى يصبح كل شئ ميسورا وسهلا.

ربما لهذا السبب أحب الاستماع للأغاني بصوت الملحن، حتى لو كان صوته رديئا. والكثير منهم يعترف بذلك، لكني استمع إليه وبداخلي الحس أنه قد أنهي "خلق" نوعا من الجمال وأنه قد "أبدع".
.
يطربني صوت عبد الوهاب وهو يحفظ ألحانه لحليم أو ورده، كما أنبهر بصوت فريد وهو يغني علي العود أحد أغانيه، وأيضا الموجي سواء كان يغني بحفل أو يؤدي بروفة أغنية، وأيضا الشيخ سيد مكاوي. استمعت مرة لملحن عراقي "محمد جواد أموري"، وكان صوته خشنا و"مشروخا" حسب تعبيري. لكنني لا أستطيع أن أنسي كم كان مشجيا وجميلا وممتعا وحافلا أيضا بالصدق.
.
وكمجرد مثال أغنية "اسأل عليه"، الأغنية معروفة ونحبها بصوت ليلي مراد. استمعوا إليها بصوت ملحنها "محمود الشريف" واعتقد أنكم ستجدون الكثير من الفوارق بين أدائه وأداء ليلي مراد لكن أشعر أنكم ستشاركونني حبها أيضاً لصدق الإحساس والتعبيرات المصاحبة لأداء الملحن، كما لو كان اللحن وليد تجربة معاشة له.
.
القاعدة التي تحكم الملحن أنه يأتي باللحن، ويترك مساحة كبيرة من إبداع الأداء لصوت المطرب. وهذا أيضا صحيح ولعل أداء أم كلثوم وحليم وفايزه وورده وقنديل خير أمثلة لذلك. لكن يتبقى سحر أداء الملحن الخالق والمبدع للحن.
.
القاهرة. 18/11/2007
.

ليست هناك تعليقات: