الاثنين، ديسمبر ٢٢، ٢٠٠٨

بعد أن خلق الله الرجل والمرأة ..

.
.
يخيل إلي أن الله حين خلق الرجل - ومن بعده خلق المرأة - أنه جاء بكتلة من الطين وقسمها قسمان أو بالأحري شطرها. وكان الجزء الأكبر للرجل، فهكذا اقتضت مشيئته. وانتصب الرجل واقفا مزهوا وهو يردد بأن الله لم يعدل في القسمة، وأنه – ويا لغبائه – وباعتباره المخلوق الأكبر كتلة وجسارة وقوة فقد نوي أن يقيم العدل ويحفظ مكانة الله، ويصحح ما أخطأ فيه، ولو استدعي الأمر إن يقاتل ويقتل ويدمر ويحرق وينهب.

أما الكتلة الأصغر، أو المرأة، فقد وقفت تراقب بخوف ووجل ما يحدث من الرجل. ابتسمت ثم أخرجت قنينة عطر صغيرة من صندوق خشبي مطرز بالرسوم والألوان الجميلة كان الله قد تركه بجوارها هدية لها. وأخذت تمسح بالعطر حول رقبتها وصدرها، ثم أخذت تلف في إيقاع راقص حول الرجل. تقترب منه وكأنها تبتعد، وحين كانت تبتعد كانت تقترب. حتى أن الرجل وقف مبهورا وراح يتمتم بكلمات غامضة، ولم يقو علي متابعة تهديداته فقد استغرق تماما في مشاهدة المرأة وهي تلف عقدا من الزهور البرية الجميلة حول رقبتها.

أما الله فيخيل إلي أنه كان ينظر اليهما وهو يضحك مستمتعا بما صنع. ثم قال لهما: اذهبا، رغم مابكما من تناقضات فأنتما لن تنسيان أبداً أنكما من ذات النفس وذات الروح ونفس الجسد، قد كتبت عليكما وقدرت لكما أن الحب والرغبة في الالتئام والوصال هو قدركما.
.

ليست هناك تعليقات: