الأربعاء، ديسمبر ١٧، ٢٠٠٨

1 - قباقيب الجواري وحذاء الزيدي ..

أيمكنك مشاركتي مرارة وعبثية التفكير فيما يحدث. هل سيغير حذاء الزيدي من واقع الاحتلال الأمريكي للعراق.؟! وهل ما فعله الزيدي يمكن أن يندرج تحت مسمي العمل البطولي والوطني فضلا عن الأخلاقي.؟!!
أكتب في موضوع يشغل أفكار معظم العامة بالتأييد المطلق، وفي نفس الوقت انقسم الخاصة من المثقفين حول أنفسهم بين مباركة رشقة الحذاء في وجه بوش وبين الرافضين لهذا التصرف.

بداية أعود بالذاكرة لحادثة القبقاب الشهيرة. وهي حادثة نفذت بواسطة الضرب بالقبقاب وحتى الموت، والتي راحت ضحيتها حاكمة مصر"شجرة الدر" حيث قام بعض "الجواري" بضربها بالقباقيب حتى الموت داخل احد الحمامات. والقبقاب يصنع من خشب الشجر وهو أشبه "بالشبشب" ويستخدم بالحمامات الشعبية - بشكل خاص – ويصدر صوت "طرقعة" أثناء المشي، وهو بهذا الوصف ولحجمه وكتلته يعد أداة مثالية للقتل.

وعي كل فعمليات القتل والتصفية كانت أمرا شائعا بين المماليك، ويبدو أنه لم يكن ممكنا تغيير أي سلطان منهم إلا بواسطة قتله بطريقة أو بأخرى. ويستمر الحال علي ماهو عليه، حيث يأخذا الحاكم الجديد في عد ما مر من أيام حكمه منتظرا النهاية المحتومة. ولم يغير مقتل شجرة الدر أو غيرها من طبيعة حكم المماليك والتربص بعضهم ببعض. وذلك ما يعنيني فالضرب بالقبقاب حتى الموت أو الإعدام فوق الخازوق أو قذف المهزوم من فوق أسوار القلعة كل ذلك لم يغير من تلك الطباع الهمجية شيئا، فضلا عن عدم تغيير النظام والفكر السائدان في التعامل.

وهذا تحديدا ما أرمي إليه بعد حادثة قذف الزيدي الصحفي العراقي بحذائه تجاه الرئيس بوش. فمن الخطأ أن نقول ماذا قبل وماذا بعد واقعة الحذاء. فلن يتغير شئ بالمرة.!! وتتبقي الواقعة باعتبارها عملا لا يمثل، ولا يمكن أن يمثل الشعب العراقي بأكمله. وهو عمل غير متحضر وغير مهذب بالمرة ولا أستطيع قبوله بأكثر مما تحتمل تلك المعاني.
ما يحدث – الآن - بعد الواقعة هو نوع من العنتريات الفارغة التي لا تحمل أكثر من الصياح والتهليل حتى مطلع الفجر، ثم يعود كل شيء لطبيعته وكما كان يحدث قبل الواقعة، في انتظار رشقة حذاء آخر أو حتى الضرب بالقباقيب حتى الموت.
.
وما أشجعنا من شعوب وساسة وكتاب ومنافقين حين نتصدر بكل الهمة والعزم "للفارغ والتافه"، وننصت لصوت حذاء خاو، لنريح عقولنا التائهة والضائعة من الفهم، وترتفع ضحكاتنا عاليا أشبه بضحكات "الحشاشين" الذين خلقوا لأنفسهم عالما وهميا لا يجوز لأحد من العقلاء أو الأسوياء دخوله أو مناقشتهم فيه. وهو بديل مريح للغاية، حيث المقاومة بالأحذية والهتافات العالية والخطب النارية والأهازيج وطلقات الرصاص في الهواء.

لست مع بوش ولا أنا مؤيد للسياسة الأمريكية. لكنني لن أكون مؤيدا أيضا لرشقة حذاء الزيدي ولن أنساق وراء الجموع التي تريد أن تصنع من ذلك الحذاء رمزا للحرية والمقاومة وشيم الأبطال والأحرار والأشاوس وتجعل من الزيدي بطلا قوميا أجدي بالإتباع والمباركة والهتاف باسمه.
هذا رأيي أقوله ورزقي علي من لا يغفل ولا ينام.
- يتبع -

ليست هناك تعليقات: