الاثنين، مايو ١١، ٢٠٠٩

الرواسي ( الجبال ) إثبات لكروية الأرض .." إلي روح أخي وصديقي العزيز الدكتور سمير حمزة الأستاذ بكلية العلوم - جامعة القاهرة"

(2)..
أطمع أن يدعو كل من يقرأ هذا المقال بالمغفرة والجنة لروح صديقي وأخي الأستاذ الدكتور سمير حمزة، الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة. والذي وافته المنية منذ أيام قلائل، وتركنا في حزن شديد، رغم تسليمنا بقضاء الله.
كان رحمه الله بالنسبة لي وعدا القرابة الأسرية - صديقاً وأخاً عزيزاً وكريماً. وكان في مقام العلم أستاذا متمكناً ينشر علمه الغزير لتلاميذه ويغلفه بحبه وتفهمه لهم. والحق أنه كان محبا لعمل الخير ومحبا لكل الناس في تواضع وأدب جم.

ومع أنه كان عاشقاً كبيراً للصلاة ولقراءة القراَن، فلا أتذكر أنه أستغل ذلك في فرض هالة له، أو أنه ألح علي أحد بأن يكون مثله. بل كان علي الأكثر مشغولاً بين عمله في الجامعة، وبكثير من اللجان أو المؤتمرات التي تشرفت أن يرأسها في العديد من المجالات، ووصله لصلة الرحم بزياراته للأقارب. وكان للصديق عوناً، يقدم له النصيحة بقليل من الكلمات وبكثير من الفهم. وهو بهذا الشكل النبيل والعفيف والجميل كان قدوة لكثير من أحبابه وأصحابه.
كان إنساناً رائعاً، فقد كان يشعر بالسعادة البالغة وهو يبادل الأقارب والأصدقاء والناس الحب والتقدير. وكانت لتلك السعادة مفعول السحر وهي تنتقل للمحيطين به، خاصة عندما يتحدث أو يعلق مبتسماً أو ساخراً أو ضاحكاً، أو جميعهم في نفس الوقت.
ولعل القارئ الكريم - الذي يطالع مقالاتي - مشاركتنا " أصدقاء وأحباب وأسرة الراحل العزيز" الدعاء وطلب المغفرة لروحه الطاهرة ..
حفظكم الله من كل سوء ..
القاهرة. 4/6/2009
...
كنت قد كتبت مقالا بعنوان ويسألونك عن الميد والرواسي .. تعرضت فيه لعملية الإتزان المتقنة للأرض والناتجة عن وجود الجبال كرواسي تؤدي تلك الفائدة. بطبيعة الحال تعاملت مع كوكب الأرض كجسم " كروي " يسبح في الفضاء ويدور حول نفسه بسرعات عالية للغاية. وقد عقب أحد القراء علي ماكتبته معترضاً ومستشهداً بالعديد من الآيات التي تبين أن الأرض لم تخلق علي الشكل المعروف حاليا (شبه الكروي) مما ينفي صلتها بالميد وبالاتزان المطلوب. ولأهمية الاعتراض وللفائدة المرجوة من نقاشه فقد فضلت نشر ردي علي شكل مقال منفصل (رقم 2) يلحق بالمقال الأصلي .. ..
كتب القارئ :
وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لاّيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الرعد : 3]
وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ [الحجر : 19]
وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ [قـ : 7]
ما علاقة مد الأرض بالاتزان وعدم الميد ؟
..
الأستاذ ...
أنت تركز علي أن الأرض " ممدودة أي غير كروية " وهذا يبدو صحيحاً للوهلة الأولي بحكم الآيات التي استشهدت بها، رغم أن هذا المد يصاحبه " إلقاء الرواسي ". وبمعني أكثر تحديداً أنت تريد أن تقول أن الأرض طالما هي ممدودة فهي بغير حاجة لتلك الرواسي. ولم يكن هناك ما يدعو لعمل هذا الاتزان المتقن لها لأننا بالأساس ولطبيعة تأثير هذا الامتداد فلن يكون هناك " ميد " أو غيره وبالضرورة فلن تكون هناك حاجة أصلاً لكتابة المقال. ومع تسليمي بكل ما نقلته وبشكوكك حول الموضوع برمته إلا أنني أري غير ذلك الأمر والموضوع يحتاج لتمعن في القراءة والفهم خاصة أنك ركزت علي الكلمات الواردة بالنصف الأول من الآيات التي أوردتها ولم تحاول الربط بينها وبين ما تلاها من كلمات.
أول ما يتبادر للذهن بعد قراءة تلك الآيات أن الأرض خلقت علي شكل سطح فراغي. ومن هنا يمكن تفهم عملية المد التي تمت. وعلمياً لا يتحكم بأي سطح سوي محورين فقط والمتفق علي تسميتهما بالمحور الأفقي والمحور الرأسي ( س . ص ) أو ( X Y) ودون الحاجة للمحور الثالث الذي يحكم الارتفاع أو ما يسمي بالبعد الثالث (ع) أو ( Z).
وكمثال عملي للسطح وللتدليل فهناك مثلاً سطح شاشة التلفزيون وما يدور فوقه من أحداث جارية في مختلف بقاع الأرض، أو سطح شاشة السينما وما يجري فوقه من توالي الأمكنة والشخصيات والأحداث. وللتبسيط يمكن أن نتحدث عن الورقة كسطح. فعلي سطح الورقة ليس هناك ما يدعو للبعد الثالث مهما رسمت عليها من أشجار وأنهار وجبال وطائرات .. الخ. فسيصبح كل ذلك مجرد مجموعة من النقاط المتصلة والتي يمكن أن نحدد موقعها علي سطح الورقة ببعدها عن المحور س وأيضا بدلالة بعدها عن البعد الآخر ص. وهذا يعني ضمن ما يعنيه من أمور أخري استحالة التواجد الفيزيائئ للمخلوقات بمختلف أنواعها فوق الأجسام الفراغية التي تأخذ شكل الأسطح.
إلا أن المفارقة أن جميع الآيات التي تتحدث عن خلق الأرض "بالمد" تتحدث أيضا عن مخلوقات أخري فعلية خلقت فوق الأرض. وتلك المخلوقات الحقيقية والموجودة فعلاً فوق سطح الأرض منذ خلقها محكومة بكل المحاور المتفق عليها علمياً (الأربعة) التي تحدد مكانها وشكلها في الفراغ الكوني. واقع الأرض يقول ذلك منذ بداية خلقها، فهي ليست بالسطح، ولا يمكن أبداً تحديد موقع أي " نقطة " فوقها دون تحديد موقعها من المحاور الثلاثة بما فيهم المحور ع أو Z فضلاً عن البعد الرابع وأعني به بعد الزمن. وسأزيد من تلك النقطة بعد قليل.
هل كلامي يزيد من التناقض بين ماهو قائم بالفعل وما جاء بالآيات القرآنية.؟! لا أعتقد . فكل ما يحتاجه الأمر هو مقدرة قليلة علي تخيل الأرض وكما نعرفها - ليس كسطح - بل كجسم كروي يسبح في الفراغ خلقت بنوع من التمديد ولا يخفي علي فطنة القارئ أن تمديد الجسم الكروي سيعقبه في النهاية تقابل من جميع الجهات وسيؤدي ذلك لجعلها بالشكل الذي نعرفه وأقرب لشكل الكرة.
ومما يؤكد – هذا الفهم – هو تأكيد تلك الآيات علي وجود الرواسي والأنهار وكل الثمرات فوق الأرض بعد خلقها، وأيضاً جعله فيها زوجين اثنين. ثم، جعل الليل يغشي النهار. وفي آية أخري بإلقاء الرواسي فوقها وإنبات كل شئ موزون وبهيج. لاحظ أن الإنبات وما يحمل من معني النمو وصعود النبتة لأعلا. فضلاً عن الحاجة للزمن لديمومة كل تلك المخلوقات. ومن المستحيل أن يتم كل ذلك فوق سطح فراغي ممتد. أي أن الإنبات وكذا (الزوجين) وأيضاً (الليل والنهار) لهم علاقة وثيقة بالمحور ع أو Z ( الرأسي ) وأيضاً لهم علاقة وثيقة بمحور الزمن. مما يعطي دلالة قاطعة أن الله لم يكن يرسم نقاطاً متصلة فوق سطح فراغي، ليأخذ هذا الرسم (أشكال) ما قصده من مخلوقات، بقدر ما كان يخلق أشياء ملموسة وحية وقابلة للتعامل مع كافة المحاور (س. ص.ع) إضافة لمحور الزمن.
الأمر الأخر الهام أن التعامل مع السطح الفراغي يكون من جهة واحدة للسطح. والمؤكد أن عملية الخلق تمت فوق الجهات الأربعة، وهذا ينفي عملياً أن تكون كل تلك المخلوقات قد تم خلقها فوق سطح فراغي، والأسلم والأدق أن يكون الخلق لكل تلك المخلوقات قد تم فوق سطح كروي. وكتدليل بسيط: يمكنك ببساطة متابعة المشاهدة للسلاسل الجبلية والممتدة فوق سطح الأرض ودون توقف وغيرها مثل الحقول والأنهار والبحار وحتى مسافات طويلة وبعيدة. مما ينفي خلقهم فوق سطح أو جسم علي شكل مكعب مثلاً أو أي شكل فراغي آخر. ولو كان الأمر كذاك لتوقف تواجد كل تلك المخلوقات عند حدود حافة الشكل الفراغي سواء كان سطحاً أو مكعباً أو أي شكل آخر. والأدق - ومن خلال تلك المشاهدة - أن يكون تواجد كل تلك المخلوقات فوق سطح كروي. لأنه الشكل الفراغي الذي يسمح باستمرارية كل تلك المخلوقات وفي أي اتجاه. وبالإضافة لكل المخلوقات التي يمكن أن نحصيها من الآيات الواردة، لاحظ أيضاً التأكيد علي خلق الليل والنهار مما لا يدع مجالاً للشك بأن الأرض خلقت بالشكل الذي نعرفه الآن، أي بشكل كروي.
وإذا كان بالإمكان أن ننسب تواجد جميع تلك المخلوقات بدلالة المحاور الأربعة ، فمن باب أولي أن ننسب "الأرض بأكملها التي تتواجد فوقها تلك المخلوقات" إلي نفس المحاور الأربعة، وهذا لا يمكن أن يحدث لو كانت الأرض سطحاً. وزيادة في التفصيل يمكن القول بالاستحالة نظريا وعملياً أن تتواجد الرواسي أو الجبال فوق جسم علي شكل سطح ممتد أو مهما امتد، فضلاً عن تواجد كل تلك المخلوقات الواردة بالآيات، مما يؤكد أن الأرض خلقت علي شكل جسم كروي وكما حاولت أن أدلل علي ذلك.
أميل للتفسير الذي يقول أن عقلية المتلقي وقت نزول القراَن وفهمه واستعداده لتقبل كروية الأرض هو الذي جعل تلك الآيات تتنزل بهذا الشكل المحكم والمعجز. لا تنس أن هناك وحتى الآن ببعض التجمعات السكانية من يرفض قبول فكرة كروية الأرض فضلاً عن مناقشتها رغم إيمانهم الديني العميق.
واعتقد أنه تفسير مقبول، خاصة وأن القراّن تحدث عن الخلق بالتكوير لليل والنهار مما يعطي إثباتا رائعاً وجميلاً لكروية الأرض. ألا تتفق معي أن الله عز وجل لم يشأ أن يضعنا في ورطة الفهم الخطأ والمتضارب بين المعني الكلي في تلك الآيات - التي أوردتها - وغيرها من الآيات التي تتحدث بشكل مباشر عن الخلق بالتكوير.؟!

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر : 5]
..
أطيب تحياتي ...
.
عادل محمود
القاهرة. 7/4/2009

ليست هناك تعليقات: