الخميس، نوفمبر ٢٠، ٢٠٠٨

عاشقة السيدة العجوز ..

السيدة ماريا باير أو إيرين باير - نمساوية الجنسية والمولد - واحدة من عشاق مصر . قرأت الكثير من الكتب التي تتحدث عنها، وهي تزورها كل عدة أشهر وبشكل مستمر، وتحاول قدر ما تستطيع أن تقترب من الناس وفهم مايحدث. من أجل ذلك فلها العديد من الصداقات بكثير من المصريين العاديين، فهي تكره لمسات الرفاهية المتوفرة للسياح وتجد أنه من الأفضل - حين تحضر - أن تعيش مع الناس وكما يعيش الناس البسطاء.
كانت السيدة باير قد كتبت الأسطر - التالية ترجمتها - عن مصر وربما يكون الأصح أن أقول أنها كتبت خاطرة عن مصر. حاولت فى ترجمتها أن أقترب من المعاني المقصودة دون أن أخل - كثيرا – بروح الكاتبة في التعبير. ومع ذلك فلا أستطيع أن أدعي أنني قمت بأفضل ترجمة لما كتبته السيدة إيرين. ولعل هناك من يحاول ترجمة الموضوع يشكل أحسن. كما أود أن أنوه أن الترجمة للعربية التي قمت بها للموضوع هي ترجمة للموضوع بالإنكليزية والتى ترجم إليها بواسطة الكاتبة نفسها، حيث أنه مكتوب أصلا بالألمانية التي لا أجيدها بالمرة.


سيدتي الجميلة – مصر*

تنساب دموعي دون توقف حين أراك كم أصبحت ضعيفة ومنهكة للغاية، وأنت تمسحين جراحك، بينما يتواصل هجومهم عليك ونهشك حتى لا يبقي منك أية أثر .أنت سيدة ثرية. بينما يتملك أولادك النهم والسعار، لأن أرواحهم قد ذبلت وقلوبهم تحجرت، ولم يعد يملكون مايكفى من الحب أو المقدرة لمساعدة أمهم الرائعة، فأيديهم مغلولة وأرواحهم قد ثملت بسموم أفاعي الصحراء الضخمة.

يتملكني الأسى حين أري عصبة صغيرة وشرسة من أولادك قد تحولوا إلي ضباع جشعة تبحث دون كلل عن دمائك. ويا للسخرية فهم لا يتورعون – أيضاً - عن الفتك والتهام لحم أخوتهم أحياء.

آه يا سيدتي. كم من بهجة أنالها لو أنني غمرتك بدماء قلبي لتنظيف جروحك. لعلني أقدر علي إيقاظ أولادك من سباتهم، وتطهير أرواحهم، وفتح قلوبهم. لعلنا نقدر علي مقاومة نزعاتهم الدنيئة للتضحية بك.
لكن من أكون لأفعل كل ذلك وأنا ابنة لبلد آخر بعيد عنك لا تملك سوى حبها لك. فمنذ زمن بعيد وأنا عاشقة لك، وقلبي ملكك. فعبر آلاف السنين كنت قوية ومزدهرة تشعين الضياء وتمنحين الحب والعطاء للجميع. من لا يعرف أولادك البررة بك في تلك الحقب. أولادك الذين تألقوا بحبهم لك وبسعيهم المتواصل للمعرفة والعلم والفن والثقافة.

وعبر الزمن بقيت، وخاب مسعى كل الغزاة لأراضيك، والفاتحين لمدنك للسيطرة عليك. وفشلوا في أن تهيمن ثقافتهم أو عرقهم أو لونهم عليك. وباقتدار ومهابة وقوة عبرت كل تلك المحن، فأنت محبة لكل الأطفال حتى لو لم كانوا غرباء عنك. ويا لقسوة الأقدار، فالذي يحاول إسقاطك هذه المرة وافتراسك مثل ضبع لئيم هو أحد أولادك الذي وهبتيه الحياة رغم عنائك وتعبك.

كاتبة هذه السطور ماريا باير – نمساوية . يمتلأ قلبي بالاهتمام وبحب تلك السيدة العجوز والرائعة مصر. لن أتوقف عن حبها أو عن النضال من أجل نبلها وكرامتها .

ليست هناك تعليقات: