الثلاثاء، سبتمبر ٠٤، ٢٠٠٧

1 - حوار حول قضية الجسر المصري السعودي ...

28/06/2007
كان موقف مصر الرافض لبناء كوبري ( جسر) يصل بين الأراضي السعودية والأراضي المصرية هو الموضوع الذي نناقشه حاليا.وبطبيعة الحال تباينت الآراء، قمت بنقل العديد من أراء الأصدقاء المكتوبة بلون مخالف للأزرق وردودي عليها.

الجسر في حد ذاته مشروع اقتصادي وليس له حجم اكبر من ذلك.
من المعروف أن أي ( مشروع اقتصادي ) له أيضا مردوده الإجتماعي والفكري والثقافي فضلا عن الإقتصادي. في حالتنا المشروع عبارة عن ( جسر - كوبري ) سيصل بشكل ( سريع وفوري ) بين ثقافتين مختلفتين، وفهمان مختلفان وما يتبع كل ذلك من تصرفات مختلفة علي جانبي الكوبري.

بالحسابات الاقتصادية مصر ستستفيد أكثر من بناء الكوبري.
لا يستطيع أحد أن يضمن ذلك خاصة في مثل تلك المشاريع التي تقرب المسافات وترفع الكلفة لجانب واحد. عادة يجب أن نرحب بأي مشاريع مشتركة قائمة علي دراسات عميقة لمختلف الأمور .

ولكن النظام له مشاكل أخري غير تلك الأمور. أهمها في تقديري خوفه من تسرب الإرهابيين إلي سيناء وتشكيل خلايا نائمة. وهو علي حق.
نعم. كلامك صحيح وفي رأيي أن هذا السبب يكفي . واعتقد انه بوجود الكوبري ستكثر مثل تلك الخلايا النائمة والمستيقظة والبين بين..

لكن النظام ينكل ببدو سيناء ببشاعة منقطعة النظير حتى أنهم فقدوا انتمائهم لمصر لمجرد أنه خائف من الخلايا النائمة.
هذه معلومة خطأ. الحقيقة أن النظام لا يزال يدلل بدو سيناء. فكر البدو محكوم بأمور كثيرة ليس من بينها الإنتماء لمصر. ملفات هذا الموضوع تضرب في الزمن البعيد وحتى قبل الفتح الإسلامي، ولا يزال المجتمع المصري يعاني حتى الآن من الكثير من الموروثات الجاهلية التي جلبها بدو الصحراء، والذين استقروا بالوادي وشكلوا عائلات تتوارث حتى الآن الجاه والثروة والحنين لجذورهم في الجزيرة العربية. تلك الموروثات لا تعود بالمرة لطباع المصريين وتاريخهم. بطبيعة الحال هؤلاء يشكلون فريقا مغايرا لبدو سيناء والذين حافظوا علي نقاء عرقهم وإن كانت الجذور واحدة والفكر واحد والفخر بالعرق العربي أيضا واحد. ويمكن لمن برغب قراءة موضوع سابق لي حول نفس الموضوع بعنوان الرمح المقدس. ومع الأسف تظل علاقة البدو بالمصريين عموما مستترة، وهي من المواضيع التي يحرص الطرفان علي إخفائها وعدم البوح بأي تفاصيل، ولا توجد مصادر كافية تتحدث عن ذلك سوي تلك الدراسة الرائعة التي قام بها علماء الحملة الفرنسية وكانت ثمرتها موسوعة هائلة (وصف مصر).

هل ما يحدث في السنوات الأخيرة تدليل ؟ هل لابد من إبادتهم جماعيا مثلا ؟
لا داعي لأن نقفز لأحكام متطرفة. لا يمكن طبعا إبادة أي مجموعة. ولا أعتقد أن ذلك يدور أو دار بخلد أي مصري بما في ذلك الرئيس مبارك ورجال السلطة. علي كل حال الموضوع كبير وله - كما ذكرت - جذوره الضاربة في عمق الزمن والجغرافيا. بحيث تظل غاية المراد لحكام مصر أن يكسبوا ولاء البدو، وليس انتمائهم. وهذا هو سبب التدليل الزائد.

الوضع معقد جدا .. ولكن هل نفصل بين " بدو سيناء "وبين " المصريين"؟
البدو هم الذين يفصلون بين الأمرين. وليس بالإمكان تدجينهم أو خلطهم مع المصريين وكل المحاولات المبذولة في هذا الإتجاه كان مصيرها دائما الفشل الذريع.

كما أن القادمين من الصحراء لم يتمركزوا في سيناء فقط . الهجرات العربية لصعيد مصر لها جذور عميقة أيضا. وجلبت عادات جاهلية أيضا. فما هو الحل؟
هذا ما قلته. الروح الجاهلية وفهم الإسلام الجاهلي، وتكريس قيم الذكورة ثم الطامة الكبرىتلك الدولارات التي تفوح منها رائحة الجاز القادمة مع آلاف المصريين الذين تشبعوا بالمذهب الوهابي. وما يعني ذلك من أمور ومشاكل وتيارات تمجد القتل والجهاد بديلا عن التنمية، وتسعي للخلافة الإسلامية بديلا عن الدولة المدنية وحرية المواطن .
ليس لدي من (حلول) أو لنقل هي حلول لن يكتب لها النجاح . فكما قلت أنت الوضع معقد جدا.
.
أسأل هنا. أليست مشكلة الدولارات التي تفوح منها رائحة الجاز كما أسميتها أنت مشكلة عربية عامة؟ أم أنها مشكلة مصرية بحتة؟
هي بالفعل كما تقول يامولانا. مشكلة عامة بل وأستطيع أن أضيف أنها مشكلة عالمية طالت كثير من الشعوب غير الناطقة بالعربية. التأصيل النظري يأتي دائما عبر الصحراء والمتشددين من أصحاب المذهب الوهابي الغريب. ومعه يأتي التمويل. وكله يأتي من هناك أيضا حيث الوفرة في الدولار المشبع برائحة الجاز دون بذل أي جهد إنساني حقيقي من جانبهم في تحصيله.هل يمكن أن نتخيل بن لادن ( شيخ المجاهدين كما يلقبه البعض منهم ) بدون ملياراته.؟!
أيضا هناك الكثير من الجماعات التي تتفاوت في حجمها ونشاطها- والبعض منها في حالة كمون - والجميع يأتيه الدولارات عبر تحويلات بنكية مريبة، أو بجمعها عبر رسل يذهبون لهذا الغرض أو، أو فلن يعدموا وسيلة في إرسال تلك الأموال. وأكرر هي أموال لا تعبر عن أي مجهود بشري في العمل أو الإنتاج، فهي أموال جاءت بالمجان من عند الله، ويتوجب صرف جزء منها للجهاد في سبيل الله. طبعا تفهم مقصدي لماذا تفوح منها رائحة الجاز.؟!! لهذا كله ولعالمية دعوى الجهاد - كما يدعون - فالمشكلة ليست قاصرة علي مصر فقط بل هي تنتشر كمرض خبيث في جميع أنحاء المعمورة.

وهل يمكن أن يكون منع فهم الإسلام الجاهلي ومنع تكريس قيم الذكورة والتصدي لقيم التطرف هو ما دفع الحكومة المصرية إلى الوقوف في وجه هذا التسهيل الكبير للسفر من وإلى الدول العربية الآسيوية؟
لا. ليس لهذه الأسباب تحديدا. فحكومتنا لا تستطيع أن تجابه كل ذلك. لأسباب كثيرة أهمها ضمان تواجدها . فات الأوان لأن تفعل شيئا. عدا أن ذلك ليس بمقدورها ولا برغبتها. الحكومة تهادن وتناور وتلعب معهم في العلن وفي الخفاء .
.

ليست هناك تعليقات: