الأحد، أغسطس ١٩، ٢٠٠٧

4 - حوار مع الشاعرة السورية ثناء حيدر ...

بعضهم تهجم وكفّر الدكتورة والأديبة نوال السعداوي لآرائها حول فريضة الحج ، وحول ختان البنات في مصر بشكل خاص... ما رأيك أستاذي بهذا التهجم ؟ ورأيك بالدكتورة نوال بشكل عام.

لعلك الآن تلتمسين لي العذر أنني قد أجلت الحديث عن الدكتورة نوال لما بعد الحديث عن مقولة مصر أم الدنيا، ثم الحديث عن ما نشهده من ردة دينية طالت المجتمع بأكمله، لتزرع في النفوس والعقول والأرواح فهما متخلفا وجاهليا للدين وأصول المعاملات. وأعترف أنهم نجحوا ببراعة في مسخ شخصية الإنسان المصري الذي يفضل أن يدور في فلكهم.

قبل أن أتحدث عن الدكتورة نوال وأجيب أسئلتك، سأنقل حوارا دار بأحد المنتديات الفنية - وكنت طرفا فيه - عن الدكتورة نوال وأعتقد أن أسبابي في ذلك ستكون مفهومة أيضا، ولنري كيف يفكر الشباب في مصر هذه الأيام.
نقل عضو بهذا المنتدي ( مقابلة تلفزيونية مع الدكتورة والتي تمت بقناة الجزيرة ونقلها عن إيلاف ). سأنقل لكم ماتم من ( حوار ) حول هذا الموضوع وهو لا يزيد عن سبع مداخلات، كانت بالشكل التالي :

الأولي كانت لي ، وبعد أن قرأت الحوار الذي تم خلال المقابلة مع الدكتورة كتبت التعليق التالي موجها كلامي للعضو الذي قام بنقل الموضوع وطلب رأينا دون أن يقول هو رأيه أو يتدخل بعد ذلك للتعقيب علي أي رأي:

مداخلة 1.
"تخيلت انك تنقل وجهة نظرك، وكنت مندهشاً للغاية أن تكتب لنا حول ذلك الموضوع. ثم اكتشفت انك تنقل عن إيلاف، وبغض النظر عن ذلك ورغبتك أن نبدي تعليقاتنا، أجد نفسي بحاجة أولا لمعرفة رأيك وبالتفصيل. عندئذ ستجدني أعلق، وربما يساهم بعض الأعضاء أيضا في التعليق. الموضوع جميل وشيق وبه جانب كبير من الشجاعة في عرض أراء الدكتورة نوال. وياليتنا حين نتصدى للرد أو التعليق ألا نهاجم شخصها أو خصوصياتها ونقترب أكثر من تفكيرها سواء وافقنا عليه أم رفضناه."

مداخلة.2
بعد مداخلتي علق أحد الشباب ( 25 سنه ) ويعمل طبيباً ، قال:
"نوال السعداوى شخصية مستفزة الى ابعد الحدود ولن اتكلم عن اراءها الشاذة مثل ان ينسب الرجل الى اسم امه او اعتراضها على نظام التوريث فى القرآن لانه لافائدة فى التحدث عن مثل هذه الاشياء التى تحدث عنها الجميع من قبل.ولكن اتحدث عن هيئتها وشعرها الابيض الذى يشبه القطن المستخدم فى العمليات الجراحية ...احيانا اشعر ان نوال السعداوى عبارة عن شيطان يتجسد فى شكل امراة وهل تعتقدون ان نوال السعدواى لها افكار تناقش ؟؟"
ثم يلصق صورتان للدكتورة وأسفلهما كتب عبارة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

مداخلة.3 "
يعلق شاب صغير ( 22 سنة ) – محامي بالقول:
"واللهى معاك فى كل إللى إنت قلته عن هذه المرآه التى تخطت كل الحواجز و القواعد و التى للأسف يفتح لها كل برامج التليفزيونات و لا إن كانت مصلحه اجتماعيه أو رائده و حسبى الله و نعم الوكيل فيها".

مداخلة – 4
علق أحد الشباب المستنير علي المداخلة السابقة بالقول:
"كان نفسى أقرا آراءكم عن أفكارها اللى انا مختلف مع نسبة كبيرة منها"
.
مداخلة.5
يرد الدكتور الشاب بالقول:
"عندما تقول انها معترضة على ان يكون للذكر مثل حظ الانثتين كما جاء فى القرآن ويجب تغييرها.كيف نناقشها؟ وعندما تقول ان الحج وطواف الكعبة هو نوع من الوثنية.ماذا نقول لها ؟؟ وعندما تقول انه يجب ان يكون هناك تعدد للازواج طالما هناك تعدد للزوجات!! وعندما تقول بالنص: ان المراة المحجبة والتى تغطى راسها تعتبر متخلفة وعقلها مغلق وعندما تدافع عن سلمان رشدى. نوال السعدواى لو كانت فى بلد يحترم الدين الاسلامى لتم إعدامها فى ميدان عام هى وأمثالها مثل نصر أبو زيد وغيره.لكننا للأسف تحكمنا أمريكا وإسرائيل التى يسعدهما بالطبع وجود امثال نوال وغيرها فى الاعلام. وعلى فكرة كل ما قالته نوال السعدواى كان فى برامج تليفزيونية وندوات وليس افتراءات صحفية."

مداخلة.6
ويعود الشاب المستنير صاحب المداخلة رقم 3 للقول:
"بالظبط كل اللى بتقوله. وانا عارفه وقريته فى كتبها اللى قريت منها كتير وشفتها كتير فى التلفزيون. ومختلف مع معظم افكارها زى ما قولتلك تماما .كل اللى انا معترض عليه كيفية التعامل معاها.زمان واحد كتب كتاب اسمه كدة : " لماذا انا ملحد " ما حدش قتله ولا طالب باعدامه. رد عليه واحد تانى وفند كلامه حتة حتة وكتب كتاب اسمه " لماذا انا مسلم " أظهر فيه خواء افكاره. ده اللى انا كان نفسى فيه فعلا".

مداخلة.7
ويلتقط الخيط المحامي الشاب وبقدرة قادر يتحول الي مفتي وقاض.قال:
"فى مسائل لا يتم المناقشه فيها و المناقشه فيها تعتبر درب من العبث و من هؤلاء هذه النوال و التى المفروض أنها تستتاب لمدة ثلاثة أيام فإن لم تتب يطبق عليها حد الرده و هو القتل .فالإسلام دين الله المتين و يجب ألا يكون لعبه بين دعاة البحث عن الحقيقه فيكفى أن نقرأ القرآن الكريم و السنه المشرفه لنتعرف على جوهر حقيقة الإسلام. أما أن نجادل أمثال نوال هذه فلا أرحب بذلك مطلقا لأن هذا هو الهدف من كلامها" .
"ولكن الموضوع الذى يجب مناقشته هو لماذا يتم الترويج لهذه الأفكار السامه فى الوقت الحالى و من هو المسئول عن مثل هذا الترويج و كيف يتم التصدى لهذه الأفكار و محاربتها و خصوصا و أنها تتجه لتدمير عقيدة المسلمين و التشكيك فى كل شيئ. ولى عوده بإذن للتعليق على الرددود و شكرا لكم".

الملاحظ أن الطبيب والمحامي الشابان قالا رأيهما دون أية مناقشة، أو ما يوحي بقبولهما لفكرة النقاش والحوار حول أراء الدكتورة. ولم يحتاج الأمر لأكثر من سبع مداخلات - وبالأحري مداخلتان لكل واحد منهما - لأن يصدرا الحكم عليها.والاثنان اتفقا علي وجوب قتل الدكتورة نوال. بالتأكيد مصيبة المحامي أشد لأنه يفترض أنه تعلم وتربي علي ثقافة الدفاع عن المتهم أولا. وللأسف فلا توجد تلك الثقافة ولا يوجد من يروج لها ولا من يتقبلها. لماذا؟ لأن المجتمع وخلال الهجوم الشرس لما نسميه بالردة الدينية وضع مثل تلك الثقافة أو التربية موضع التحريم الديني أيضا. وان كان الحل جاهز باستتابتها أي عرض التوبة عليها بعد أن تتبرأ من أفكارها وإلا فعقوبتها القتل.

ملحوظة ثانية وهى أيضا ملحوظة في غاية الأهمية والمرارة، فأصحاب الاتجاه الأصولي المتشدد لا يعطون لنفسهم الحق فقط أن يكونوا الحكم والجلاد كما رأينا، بل يعطون لنفسهم الحق في الوعظ والإرشاد والردود علي أي استفسارات قد تأتي حول نفس الموضوع. وعلي كل مناقشة الموضوع لم تأخذ أكثر من المداخلات السبع التي عرضتها وكما جاءت بالنقاش، وانتهت بإصدار الحكم علي المتهمة دون أن يحاول أحد مجرد مناقشة التهم المنسوبة إليها. أيضا لم يحاول أي أحد أن يضيف أي رد جديد مما حرم المفتي الشاب من تكملة تفسيراته وفتواه القيمة.

تعمدت أن أنقل إليكم كيف يفكر الشباب في مصر. وإلي أي حد غسلت أدمغتهم بالأفكار المتحجرة والغريبة. لو كانت هناك حرية في التعبير متاحة للجميع، وقدر من الوعي والتربية الصحية السليمة التي تفرضها ممارسة تلك الحرية، وأهمها قبول الآخر ومناقشته بدلا من قتله أو طعنه أو رجمه حتى الموت. لو كان ذلك موجودا، هل كان مثل أولئك الشباب يتحدثون بهذا الشكل عن الدكتورة نوال السعداوي أو غيرها.

وبطبيعة الحال تصبح محاولة قتل أديبنا الكبير الراحل نجيب محفوظ مفهومة الأسباب. ومعروف أن مجموعة من الشباب - لم يقرا أحدهم ورقة واحدة من أحد كتب الأديب الراحل – قد حاولوا قتله.
قيل لهم - فقط - أنه كافر ويتوجب قتله، وكان عليهم التنفيذ دون مناقشة أو فهم. وقبله قتلوا كاتبا متميزا "فرج فودة". ومحاولات عديدة جرت لتصفية الكثير من الكتاب والصحفيين.

لا حظ أن هذا ما يفعلونه بالعراق الآن بجدارة واستحقاق، غير أنهم أضاقوا لقائمة الضحايا التلاميذ أيضا والمدرسين وأساتذة الجامعات. ولعل المعني واضح في قتلهم لأفراد لا يملكون من أسلحة سوي فكرهم وأقلام وأوراق بيضاء يسطرون فوقها أحلامهم وأحلام بلادهم بصباح أفضل واَمن للجميع.

لنأخذ موضوعا آخر كتبه شاب ليبي عمره 16 سنه وبعنوان "سنن الذبح" . والحقيقة أنني حين قرأت ما كتبه هذا الشاب أصابني الرعب والهلع. كنت أتخيل من عنوان الموضوع أنه سيتحدث عن سنة ذبح الطيور أو حتى البهائم، فإذا به يتحدث عن سنن ذبح الآدميين.!! اقرأوا معي وستعرفون أي مأزق نعيشه تحت رايات الفكر الديني المتخلف وماذا فعلوا بعقول وتفكير شبابنا البائس.

"اخى انت تقول حزب الله ما يقتل فى النساء العاريات و القاعده تقتل النساء العاريات . نعم كلامك صحيح و لو انا زعيم للقاعده كنت حعمل نفس الشئ لان هذا حكم الله و هذا الدين الاسلامى و هذا الدليل ان القاعده تتبع دين الله و تقيم حكم الله فى الارض و لو لم يفعل ذلك فى العراق لكانت الفاحشه انتشرت مثلما انتشرت فى لبنان بوجود حزب الله الارهابى .و بالنسبه الى قطع الرؤوس انا احيئ كل مجاهد يقطع رؤوس الخونه مهما كانت ديانته المهم ان يثبت خائن للامه و متعاون مع العدو و هذا مش حرام هذا حلال و هذا الصح الدليل على مشروعية سنة الذبح"

ثم يكمل بسرد "الدليل الشرعي على سنة الذبح" كما جاءت بكتاب الله تعالى وحسب فهمه المريض والقاصر والمتخلف.

لا حاجة للتأكيد علي أن هذا الدليل الشرعي هو أراء سلفية غبية ومتشددة في فهمها لدرجة الحماقة والجهل. والمصيبة أن هناك الآن من مشايخ وأبطال الفتاوى من يشجع مثل تلك الآراء، بحيث أصبحت تشكل الجزء الكبير من وعي الشباب صغار السن، الذين يرون في إتباع بل وتنفيذ مثل تلك الآراء المريضة نوعا من الجهاد والبطولة لرفع شأن الدين، والفوز الثمين الذي سيتبع ذلك بدخولهم الجنة حيث أنهار الخمر، وحور العين، أو الجنس المجاني كهدية مؤكدة لأصحاب الجنة من المجاهدين.

وتصبح المصيبة أشد حين يشكل كل ذلك "ثقافة المجتمع". فيصبح القتل مبرراً، والسرقة والسبي جائزاً، وحرق البيوت وأماكن العبادة مشروعا.!! ويعد كل ذلك جهاداً في سبيل الله ونصرة دينه. وبالتبعية يكون هناك دائما تسامحا مع القتلة واللصوص الأغبياء والكسالى الذين يرتدون أقنعة المجاهدين في سبيل الله.
هل لازلت بحاجة لرأيي في الدكتورة نوال السعداوي.؟! علي كل، سيظل فكر الدكتورة نوال موضع خلاف كبير مع الجميع. كل ما سأدعو إليه أن نتحاور معها، ونرد علي نقاط الخلاف معها بفكرنا ورأينا الحر، ونترك لها نفس الحق تمارسه، ولتقل ما تشاء. متمنيا لها السلامة والعافية.

ليست هناك تعليقات: