الخميس، أغسطس ١٦، ٢٠٠٧

1 - حوار مع الشاعرة السورية ثناء حيدر ..

السيدة ثناء حيدر شاعرة سورية جميلة ورقيقة وهي تجيد فن كتابة الشعر سواء كان بالفصحى أو الشعبي باللهجة السورية . وهى زوجة لشاعر سوري قدير وهو الصديق الأستاذ جعفر حيدر . تشرفت بمعرفة الاثنان بمنتدى نغم www.nagam.org الذي أتشرف بالكتابة فيه وبكثير من الصداقات الرائعة لكثير من الشعراء والموسيقيين وكتاب المقالات بمختلف أنواعها والأهم بكثير من الصداقات لكثير من الشباب الواعد. ورغم الخلاف في الأفكار – وذلك قدر لا مفر منه بل هو نوع من الأقدار المطلوبة لديمومة الحياة والتواصل الإنساني . فنحن جميعا ككتاب في هذا المنتدى الرائع نؤمن بضرورة الخلاف وأنه ومهما كان فهو بغير قادر علي إزالة ما بيننا من ود واحترام. والمنتدى يملكه ويشارك بالكتابة فيه الصديق العزيز والملحن السوري خالد ترمانيني http://www.khaledtrm.net/ إضافة للكثير من المواقع الأخرى التي تتحدث عنه والتي يمكن للقارئ الحصول عليها بمحرك البحث جوجل. ولا يمكن لزائر المنتدى، وأيضاً معظم كتابه الجدد أن يشعروا أن هذا الرجل هو مالك المندي فهو علي لا يمنع ولا يصادر ولا يحجب ولا يسفه رأياً بل يرد بأدب وإيجاز مما جعلني أطلق عليه اسم " الحكيم الصامت ". فهو بإيجاز فنان يؤمن بالحرية والحق في التعبير بكل وسائل الفن المتاحة كما أن ثقافته وفكره مرتفعان للغاية. وأشعر أن هناك حالة من التواصل الإنساني الراقي والمغلف بالحب والتقدير والاحترام يجمعنا جميعاً . ومعرفتي بهذا الفنان تزيد علي الثلاث سنوات ولا أتذكر أنه طيلة تلك المدة كتب مواعظ أوسن قوانين لشروط الكتابة أو قام بشطب موضوع أو حجبه أو طرد عضو بالمنتدى. وهو يقول ببساطة شديدة أنه لا يحب أياً من تلك الحلول.
كتبت السيدة ثناء موضوعا جميلا وناجحا " فنجان قهوة ودردشة " وكنت أحد ضيوفها ، وكان علي الإجابة علي أسئلتها التي أعترف أنها كانت ذكية ومركزة . سأختار بعضا من تلك الأسئلة وأجوبتي عليها والتي أعتقد أنها تكمل ما يمكن أن أسميه الخط العام الذي يحكم تفكيري . كان السؤال التالي أحد الأسئلة التي وجهتها لي ولم أكن أتوقعه.
9- إذا رن هاتفك الجوال وكان من إحدى المعجبات وأكيد هنّ كثرٌ، وبقربك زوجتك. كيف تتصرف؟ صف لنا حالة الأستاذ عادل في هكذا موقف.
لا أدري لماذا حكمك بأنهن كثر ؟!! وعلي كل "لماركيز" - الكاتب الكولومبي المشهور وصاحب رواية مائة عام من العزلة والحائز علي جائزة نوبل ، كتاب صغير وجميل أسمه " رائحة الجوافة " وفيه يحكي عن نفسه، وعن زوجته مارسيدس وهذا هو أسمها. ولأنها تعلم مزاج ماركيز وتقلباته، ونظرات الإعجاب التي كثيرا ما تحوطه من النساء. فقد قبلت ألا تعكر عليه أي لحظة من تلك اللحظات التي يعشقها الرجل. فما بالك لو كان رجلا من نوع ماركيز. حين يجلسان بأحد المطاعم وتراه يحملق بأحد السيدات أو يتبادل معها النظرات، فإنها تسحب كرسيها للخلف بهدوء، ودون أن تبدي أنها تفعل ذلك عامدة. لكي تفسح له المجال لرؤية تلك المرأة والتمتع بلحظات النظر وتبادل الابتسامات والحديث معها عن بعد. ومع ذلك فهي تحب ماركيز وهو يبادلها نفس المشاعر.
أعترف لك أن هناك – في شخصية الرجل - ثمة خطأ. ولعله خطأ من النوع المركب. وأنه بهذا الفهم فالمرأة أنقي وأخلص من الرجل. لا أدري ما هو السبب؟ هناك تبريرات عديدة لذلك. لعل أهمها أن شرارة الحب تنطفأ بعد حين، ويلزم ما يثيرها بين كل وقت وآخر. وإلا تحول معظم الأزواج إلي أشياء متشابهة كما هو حادث بكل بلاد الله وليس بمجتمعاتنا فقط. شيء يأخذ في الغالب الشكل الرسمي والوقور للحاج سيد، وكرشه ممدداً أمامه، والعرق يغطي وجهه. وأصوات "الولاد" يزعج قبيلة، إلا أنه مبتسم دائما. سعيدا ببلاهة وأمامه كوب الشاي وطبق الكعك، أو طبق ساندويتشات لانشون وبيض مسلوق وزيتون أخضر وأحيانا أسود. وعلي الضفة الأخرى من الكنبة بمسافة لاتقل عن المتر والنصف تجلس زوجته الحاجة سيده. وبجوارها طبق مماثل والاثنان يأكلان باَلية وهما مشغولان بالكامل في متابعة فيلم مصري قديم شاهداه العديد من المرات.
نموذج لا يعرف ولا يريد أن يعرف ماذا يدور خارج المنزل وليس خارج الحي الذي يسكنان به، فضلاً عما يدور من أحداث بباقي الدول. وهما يشكلان أيضاً نموذجاً أصبح سائداً ويشكل القاعدة . فهما لا يشعران بالملل أو الحنق أو القرف أو الغيظ أو الخوف أو الرغبة في اكتشاف الأفضل في العلاقة بينهما. حتى أنهما حكما علي نفسيهما بالعجز والكبر قبل أوانه. فالمرأة أو الحاجة سيده اكتسب جسدها كمية كبيرة من اللحوم والشحوم. وضاعت كل معالم الأنوثة بين الحجم الضخم المكتسب وبين الشعور بالعيب، وتفانيها في خدمة الحاج سيد وأولادهما. هذا نموذج مكرر بالألوان وأيضا بالأبيض والأسود. أو الأسود والأسود. رغم أنني أتحدث عن نموذج لا يزال شبابا بحسابات العمر، ولنقل أنهما في الخمسينيات أو أزيد. وهو عمر لا يجب أن يكون لتخزين الدهون والنوم والشخير فقط . لكن هذا هو الحادث. ربما كان دور المرأة فيه يفوق دور الرجل. لماذا؟ لأنها قبلت أن تستغني عن عقلها وفكرها الأنثوي بل هي استغنت بالكامل عن أنوثتها التي هي وجه لجمالها ومحرك وحافز لقبول الرجل بها كزوجة وكملهمة وعشيقة. وبالتأكيد سيجد الرجل في ساندويتشات اللانشون والبيض المسلوق والزيتون الأخضر أو الأسود ما يفتح شهيته أكثر من تلك الأنثى الجالسة بجواره ومشغولة مثله بالأكل.

بالنسبة لي لم أتحول بعد لنموذج الحاج سيد وسأناضل لآخر نفس لكي لا أتحول إلي هذا النموذج. ولا زوجتي أصبحت الحاجة سيده. اخترنا طريقا وسطا. فهي تعرف كل شيء عنى، وأتركها تتابع الحديث بيني وبين أية واحدة. وأحاول السيطرة علي الحديث حتى لا أجرح مشاعرها أو تسوء الأمور.!! وفي كل الأحوال هناك حدودا لا يجب أن أتخطاها في مثل تلك المواقف أو غيرها. وبالمناسبة زوجتي سيدة رائعة بكل المقاييس وهي محجبة من قبل أن نتزوج، وذات شخصية مؤثرة إضافة لكونها مثقفة، وإن كانت ثقافتها بعيدة عن نوع ثقافتي وما أهتم به. ومع ذلك فنحن مثلاً نشترك في حبنا للاستماع للموسيقي الراقية والأغاني الجيدة لمطربين ومطربات كثيرون . وهي تجد متعتها في ختم قراءة القراَن بين وقت وآخر، وأعتبرها هدية من السماء لي. ومع مرور السنوات وتشجيعي وفخري بتقدمها وإجادتها في عملها فقد أصبحت مرموقة في عملها، ووظيفتها تعد ضمن الوظائف الراقية، خاصة وأنها تعمل بمجال لا يعترف بالوساطات أو المجاملات .
لماذا أقول كل ذلك ؟! لأنني لم أفاتحها مرة واحدة لأطلب منها - منذ تزوجنا - بأن تنزع الحجاب وتظهر شعرها. رغم أنها تعرف رأيي جيداً في هذا الموضوع وتحاورني فيه. الأمر الآخر والهام أن حدود الثقة المتبادلة بيننا ليس بضمنها خط أحمر حتى أن الكثير من معارفنا وأصدقائنا نشعر بحسدهم لنا. وطبيعي أن تثمر تلك المشاركة الرائعة والتفاهم والإخلاص علي طريقة تربيتنا لأولادنا. فأبني الأكبر يدرس للحصول علي رسالة الدكتوراه من جامعة فيينا. ورغم صعوبة الحياة هناك لشاب مثله فهو يصر وبتشجيع مني وزوجتي أن يتزوج بشكل شرعي. وتعلمين أن الزواج أحد مفاتيح الحلول لمشاكل كثيرة تواجه الشباب. أما ابني الأصغر فهو يدرس بأحد الجامعات المرموقة ويدرس تخصصاً هاما ومطلوباً. والممتع في كل ذلك أن علاقتهما بنا علاقة صداقة وتفاهم مما يتيح لنا الكثير من الحوارات الجميلة ومزيد من التقارب بالتعرف علي أفكار بعضنا البعض. وكأنه نوع من التواصل الإيجابي بين الأجيال.
الست محقاً حين أقول وأكرر أن المرأة انقي وأجمل وتستحق من الرجل كل التقدير والفهم والاحترام . وتستحق أن ندافع عن حقوقها خاصة للذين يعتبرونها " شيئاً " ضمن مقتنياتهم فيتعمدون مسخ شخصيتها وحرمانها من أي حقوق كفلها لها الله والشرع والضمير الإنساني السوي وليس المرضي.
10-يعجبني مظهر الرجل الخارجي لباسه الرسميّ ( البدلة - أو الطقم ) الساعة التي تزين يده ، والبارفان الذي يستخدمه طبعاً يهمني بالدرجة الأولى جوهره وحضوره وثقافته... ماهي صفات المرأة التي تلفت انتباه الأستاذ عادل؟ عدا الجوهر .

لا أدري لماذا لا أحب وضع ساعة في يدي. تشعرني بأن يدي موثقة بقيد سخيف مهما كان جماله. وأي قيد وتلك الساعة اللعينة تذكرني دوما بالوقت.!! أفضل النظر للموبايل لمعرفة الوقت. أو السؤال وكثيرا ما فتح سؤالي عن الوقت لحوارات جميلة مع خلق الله.

أيضا . لا أحب وضع بارفانات، ولا أطيق رائحتي إذا ما وضعت بارفان حتى لو كان من النوع الغالي جدا. الغريب أن هناك بعض البارفانات تضعها بعض السيدات خاصة ذات الرائحة الهادئة تدير رأسي إذا ما شممتها، وتجعلني أحلق لعوالم جميلة. أمر آخر وهام وهو أن زوجتي لها تقريبا نفس قياساتك للحكم علي أناقة الرجل، غير أنها تضيف شرطا آخر وهو لمعة الحذاء. فهي تري أن الرجل الشيك يجب أن يكون حذاءه نظيفا ولامعا. وفي الحقيقة أنا أفتقد ذلك أيضا. لا أتذكر أن حذائي كان لامعا إلا إذا كان جديدا.

المشكلة أنني كسول للغاية ولا أستطيع الانحناء للإمساك بالحذاء وتنظيفه. من أجل ذلك أجد متعة ما بعدها متعة لو جلست بأحد المقاهي أن أعطي الحذاء لعامل التنظيف بعد أن يحضر لي قطعة من الكرتون لأضع قدماي فوقها، وأجلس بعد ذلك مسترخيا ممدا رجلاي، ولا أنشغل بأي شيء سوي شعوري بالراحة بعد تحررتا قدماي من ذلك الحذاء اللعين. هي متعة بالفعل رغم أنني – وحتى الآن – لا يزال يخطر ببالي هاجس أن العامل سيأخذ الحذاء ويهرب، فماذا يمكنني عمله. لا شيء طبعا يمكنني عمله سوي أن أظل أضحك.
لا أدري كيف سيكون تقييمي بدون ساعة يد وبدون بارفان وبدون حذاء يلمع؟!!

ثمة أمر آخر. أعشق لبس البذلة كاملة لكن في الشتاء فقط، بما في ذلك وضع منديل جميل وملون في جيب الجاكت. وأنشغل به طوال الوقت لتعديل منظره. ومع ذلك فلا أطيق النظر لأحد يرتدي بذلة كاملة في لهيب الصيف، وأعتبره شخصا مجنونا. ليس لدي القدرة علي لبس أي نوع من منها في الصيف وأيا كانت المبررات. أحيانا تستدعي الظروف ذلك. كأن أكون معزوماً في حفل عرس، وأضطر بعد معارك شرسة مع زوجتي لارتداء بذلة صيفية. وفي معظم الأحوال فإن تلك الليلة تتحول لليلة نكد علي وعلي زوجتي، وعلي أصحاب العرس أيضا المجانين الذين يقيمون هذا الحفل في تلك الأجواء الساخنة بالرغم وجود المكيفات.

من أجل ذلك فأنا في الصيف أرتدي طوال الوقت الملابس الكاجوال وبأكبر قدر من الاتساع والفضفضة والجيوب الكثيرة بالبنطلون شرط أساسي أيضا. فمتعلقاتى كثيرة. أو أنا أعتقد أنها كثيرة لذا أحرص علي أن يكون للبنطلون جيوب كثيرة وكبيرة فذلك يشعرني بالراحة.

لماذا حكيت عن كل ذلك؟ لأنك سألت عما أحب في المرأة؟ أحب فيها ما أحبه لنفسي وأتفهم مبرراتها في الملبس. أعشق الشياكة والأناقة للمرأة لكن بدون تكلف أو تذويق مبالغ فيه. في الغالب المرأة التي تضع أطنانا من الألوان فوق وجهها لا تثيرني ولا أهتم بها. وكلما نظرت إليها أتذكر منظر البلياتشو بالسيرك. أحب المرأة حين تساير " الموضة " وتهتم بخطوط وانسياب ملابسها وألوانها وما يتوافق مع طبيعتها وطبيعة جسمها. المهم ألا يكون هناك تكلف أو مبالغة. وبنفس القدر تعجبني المرأة التي ترتدي الكاجوال أيضا. وهناك كثيرات منهن يكون حضورهن أرقي وأجمل بالجينز والتي شيرت مثلا .

ومع كل ذلك تأسرني شخصية المرأة وحضورها أكثر من ملابسها وبارفاتاتها . فبعد أن أمتص صدمة البارفان والملابس الجميلة، أنتظر منها ماذا ستقول وكيف ستعبر عن نفسها. وإلا فالإستذان يكون واجبا وتلك واحدة من حكم صديق لي.

ليست هناك تعليقات: