الخميس، مارس ١٨، ٢٠١٠

2 - أيام طويلة ...

.
أعاني منذ مدة طويلة – لعلها تزيد عن الثمانية أشهر - آلام مبرحة بظهري وكامل رجلي اليسرى وصولاً لقدمي وبدرجة أقل باليمني. لجأت إلي جراح عظام متخصص في جراحات العمود الفقري. طلب مني العديد من الأشعات العادية، وكلما عرضتها عليه كان يفحصها متمتماً " هايل، حاجه عظيمة " والحقيقة أنني لم أكن أدري ماهو الشيء العظيم أو الهائل في كل ذلك؟!!
علي كل كان بعد ترديده لتلك الكلمات يطلب مني عمل المزيد من الأشعات المتقدمة. أخرها أشعة مقطعية، أعقبتها أشعة "رنين مغناطيسي" لمنطقة الفقرات القطنية.
ومع ذلك، أفرح كثيراً حين أجد العلم يكرس تطبيقاته بشكل عملي لخدمة البشر متمثلاً في تلك الأجهزة الطبية المتقدمة والتي تساعد الأطباء في التشخيص السليم واتخاذ القرار المناسب. قلت لنفسي " لعل تلك الأجهزة هي الشئ الوحيد الهائل والعظيم ، وربما كان الطبيب يقصد ذلك".!!
شرح لي الجراح الموقف بالتفصيل. هناك غضروفان "صغيران" بالفقرة الثالثة والرابعة وآخر بالفقرة العجزية الأولي. والمشكلة الرئيسية تكمن في كثرة " التليفات" بالفقرات الثالثة والرابعة والرابعة والخامسة وأيضاً بأول فقرة عجزية. وأجمل رأيه بأن التدخل الجراحي - لمثل حالتي - يعود لمدي تحمل المريض والتعايش مع الألم. فهناك فئة من المرضي يستطيعون "التعايش مع الألم والتكيف معه" وبدون أي مساعدة. وهناك فئة أخري يستطيعون أيضاً التعايش والتكيف لكن بمساعدة الأدوية خاصة المسكنة للألم. وهناك فئة ثالثة لا تستطيع تحمل الألم ولا التعايش بمساعدة الأدوية خاصة لفترات طويلة. ويبدو أنني كنت ضمن الفئة الثالثة.
ربما كان موقفي واقتناعي الشخصي أن الإنسان يجب أن يعيش معافياً ودون أن يصاحب تلك "العيشة" أي نوع من الألم. وأشعر بالدهشة الشديدة من أي شخص يقاوم بإصرار وعناد مايشعر به من آلام نتيجة لأي سبب حتى لو كان صداعاً خفيفاً، ويكتفي بالقول أنه لا يحبذ استعمال أي نوع من الدواء حتى لو كان قرص أسبرين. كما أنني أتناول كمية كبيرة من الأدوية خلال اليوم لارتفاع ضغط الدم وأخري للقلب، ويقيني أنها تكفيني دون الحاجة لإضافة المزيد من الأدوية.
قلت له كل ذلك، وأضفت أنني أفضل الجراحة إذا كانت ستساعد في زوال أي ألم وأنها ستعفيني من استعمال كمية كبيرة مضافة لقائمة الأدوية الأخرى التي أستعملها.
ذكر لي أن العملية الجراحية لن تكون سهلة، فعليه أن يتعامل مع أربع فقرات لإزالة التليفات والغضاريف الظاهرة رغم صغرها، "فمادام قد فتح وظهر له كل شيء فعليه عمل اللازم تجاهها". ثم عليه أن يثبت ثلاث من تلك الفقرات بواسطة مسامير خاصة. كان يتحدث بحرفية كبيرة ذكرتني بميكانيكي السيارة الشاطر وحين قلت له أن الأمر أشبه بذلك قال ضاحكاً هو كذلك بالفعل. ثم أضاف بأن جراح العظام يتعامل مع العمود الفقري باعتباره جهاز حركي وعلي الجراح أن يراعي الكثير لضبط الحركة والتناسق للفقرات وقدرة العمود علي العمل والتحمل بشكل طبيعي أو قريب من الطبيعي. ويختلف هذا المفهوم في ذلك النوع من الجراحات عن مفهوم جراح المخ والأعصاب الذي يركز كل اهتمامه لسلامة الأعصاب والحبل الشوكي عند إزالة التليفات أو الغضاريف.
قيل أن أقدم علي أي جراحة، أذهب لكثير من أطباء الاختصاص، واستمع لرأي ثلاثة علي الأقل. ثم علي أن أقرر من سيجري لي منهم الجراحة المطلوبة. وبعد أن أدرس التكلفة اللازمة بما في ذلك إقامتي بالمستشفي، أتوكل علي الله وأتفق مع الطبيب علي تحديد اليوم الذي أذهب فيه للمستشفي.
قررت الذهاب لجراح " مخ وأعصاب" شهير لعرض حالتي عليه لأستمع للرأي الآخر في حالتي.


يتبع ...
.

ليست هناك تعليقات: