الثلاثاء، مارس ١٦، ٢٠١٠

1 - أيام طويلة ...

.
القاهرة. العاشرة من صباح الأربعاء 24/2/2010
.
بدا الأمر لي وكأنني مدعو للمساهمة بمؤتمر ثقافي أو سياسي. كان علي أن أقضي الليلة السابقة بالغرفة المحجوزة لي منذ ليلة الأمس. غرفة واسعة وهادئة وجميلة والإضاءة بها خافتة، وهناك بأحد أركانها سرير صغير مرتب، يبعث ماعليه من فراش الإحساس بالدفء في ليلة باردة للغاية كالتي قدمت فيها. بنهاية الغرفة حمام صغير، ويفتح بابها علي ممر طويل يشكل امتداداً طبيعياً لمساحة الغرفة. الحضور كثيرون، رجالاً ونساءً. معظمهم واقف يتبادلون الحديث فيما بينهم، والبعض جلوس بالغرفة ينظرون إلي وهم يبتسمون. كان هناك شاباً له لحية طويلة للغاية. هو أقرب في الشبه "لطارق" ابن شقيقتي التي تصغرني وهو أيضاً يشبه لحد كبير واحد من نواب البرلمان الملتحيين. شعرت بالإرهاق والدوار وأنا أعتصر ذاكرتي من يكون علي وجه اليقين.
شعرت بالغضب الشديد من زوجتي وأبني. كيف أدعو لمثل هذا الحفل أو المؤتمر وأنا أرتدي ملابس المنزل، يفترض بهم أن يجعلوني أرتدي ملابس لائقة.
لم تكن لدي القدرة علي مشاركة الحضور أي نوع من الحوار وبذلت جهداً كبيراً – دون جدوى - في الاستماع لما يقولون. لم أكن بقادر علي الاستماع إليهم أيضاً. كانوا بالنسبة لي مجرد شفاه تتحرك وأجساد واقفة تتمايل. يبدو أنهم كانوا يتحدثون عن الشعب ومشاكله، وينظرون إلي بين وقت وآخر ولديهم الإصرار أن أشاركهم الحديث.
كنت أعاني من مشكلة في التبول. كان علي الدخول للحمام كل خمس دقائق تقريباً وأنا أستند علي كتفي أبني وابن شقيقتي كلما مشيت لدخول الحمام أو الخروج منه. بالكاد كنت أمشي في رحلة الذهاب والإياب لأصل إلي سريري الموضوع بنهاية الغرفة، لأعاود النظر لضيوف المؤتمر دون أية قدرة علي الرد عليهم أو الاستماع لما يقولون.
قلت لنفسي لأكن ممثلاً عن الشعب الذي يتحدثون عنه. الشعب مريض وبحاجة لنوع من الرعاية والفهم والعلاج. أغرق في نوم من نوع غريب، فلا أنا بالنائم ولا بالمستيقظ. التف حول سريري الكثير من الضيوف. كنت أقاوم ذاكرتي لأتذكرهم. لم أستطع تذكر أحدهم. زوجتي تلح علي أن أجيبها هل يستدعون لي طبيب قلب متخصص أم نغادر المكان لآخر. كنت متفائلاً بتكملة الليلة والمشاركة في الحوار عن الشعب ومشاكله، ربما استطاع الطبيب أن ينقذ مايمكن إنقاذه، ويجعلني استعيد حيويتي للوقوف ثانية والانتباه لما أقول ويقولون. أشرت لزوجتي بضعف شديد باستدعاء الطبيب.
كنت أعتقد أنني استيقظت من نومي - الليلة السابقة - وكل ماكان يحدث حولي حدث أثناء الليل. ولم أستوعب أنه صباح يوم جديد وأنه سيمر علي – هذا اليوم - طويلاً وصعباً ، لا يعترف بي ولا أعترف به كواحد من أيام عمري، حاله حال بضعة أيام سبقته وأخري ستأتي بلا شك. ومع تداعي أفكاري رحت في غيبوبة عميقة لم أفق منها إلا ليلاً.
.
يتبع ...
.
..

ليست هناك تعليقات: