الأربعاء، مايو ٠٩، ٢٠٠٧

4 - الرمح المقدس ..

.

لا أنسي رأي أحد القضاة من صعيد مصر حين قال: إذا ما استلزم الأمر، سأنسي كل شيء عن مهنتي وتعليمي الجامعي وأسرتي وسأخرج حاملا سلاحي لأخذ ثأري.! وفي مقابلة بأحد البرامج الإذاعية مع صبي مراهق متهم بجريمة قتل (أخذ بالثأر)، سأله المذيع عن سلاحه ومتي اشتراه ولماذا يصر علي حمل سلاح والاحتفاظ به في داره. وكانت إجابات الصبي غريبة ومزعجة إلي حد كبير. حيث أصر أن السلاح هو شرف الرجل وانه غير نادم علي ما أرتكب من جرم.
أليس رمحا كبيرا - اّخر - يقدسونه.؟! رغم انه أشبه بالخازوق الكبير، الذي يستمتعون بالجلوس عليه.
.
ولأن المنطق غريب واستفزازي، فقد بدأت أسال. وتقمصت شخصية المذيع لأكتشف أن الصبي لم يكن في الحقيقة سوي مراهقاً يردد كلام الكبار.!! ولا أدري - حتى الآن - ماهي علاقة حمل السلاح واقتنائه بالشرف.؟!
.
ولي أيضاً ملحوظة صغيره عن جريمة أخذ الثأر فأنا أعتبرها جريمة مخلة بالشرف، لأنه ليس فيها علي الإطلاق نبل الفرسان الذين كانوا يتفقون علي نوع وسلاح المبارزة ووجها لوجه وبحضور شهود. وبطبيعة الحال كان هناك فائز ليعيش ومهزوم يقتل، حتى أن المثل الروسي يقول: صلح ردئ خير من مبارزة جيدة.أما عندنا وفي البلاد المتخلفة عموما فالشجاعة في التربص في الظلمة، ووسط حقول الذرة أو القصب ثم القتل من الخلف. ويصل الأمر في بعض الأحيان لتشويه ما تبقي جثة القتيل.
..
يبدو أن ذلك يشكل بالفعل رمحاً مقدساً آخر يستحيل كسره. فهناك الكثيرون الذين يناضلون في حياتهم من أجل شراء قطعة سلاح، وبأي ثمن ولحد أنه يمكن للفرد أن يعيش جائعاً هو وأسرته ليوفر ثمن السلاح من طعام أطفاله. في بعض قري مصر البنادق الرشاشة الآلية والنصف آلية مخبئة بباطن الأرض، وستظهر حين يجئ الوقت المناسب لاستعراض الشجاعة في القتل من الخلف.!! .
ومع الوقت تصبح أسلحة مثل المسدس لعبة للأطفال، وتظهر أسلحة قوية وفتاكة وتستطيع أن تحصد العشرات. بطبيعة الحال هناك سوق قوي وتجار وسماسرة ومافيا، وعمليات تهريب ضخمة للأسلحة الإسرائيلية وغيرها من الرشاشات الحديثة.في باكستان قري كثيرة لا يعمل أهلها بأي صنعة أو تجارة أو عمل سوي تجارة السلاح. ويقال انك تستطيع أن تسلح جيشا صغيرا من إمدادات الأسلحة الموجودة بتلك القرى.!! وفي أفغانستان حدث ولا حرج عن كمية الأسلحة التي لن تتمكن الحكومة المركزية من جمعها وحتى لأجيال قادمة ، مادام هناك أمراء الحرب وتجار الأفيون والصراع الدموي علي السلطة. وفي مصر يتباهى بعضهم بأخذ صورة له وهو يحمل بندقيته أو رشاشه، وفي عمان يضعون الخنجر كأحد الإكسسوارات المكملة لأناقة ووجاهة الزى الشعبي. وفي السعودية يرقصون بالسيف، وفي العراق المصيبة أكبر وأقسى. لكنهم جميعا في النهاية مسلمون ومتشددون في أحكامهم الفقهية، حول الطول الواجب للحية وشكل اللباس الشرعي، وقتل المرأة التي لا تخفي عورة وجهها خلف النقاب.!!
.
في كل البلاد التي ذكرتها المسلمون هم الكثرة. وليس ذلك بعيب في الإسلام بقدر ماهو الموروث الجاهلي في عقول ونفوس الناس. ليصبح الإسلام مجرد واجهة براقة يشوهونها كل يوم بجرائم يندي لها الجبين، وبرود قاتل يصل لحد التلذذ في قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
....

ليست هناك تعليقات: