السبت، مايو ١٢، ٢٠٠٧

7 - الرمح المقدس ..

.

لست هنا في مقام الدفاع عن د. نصر حامد أبو زيد فحكايته قد حدثت وكتبت. وإن كان فيها بعض الفصول التي ستأتـي الأيام لتوضح الأمور بشكلها الحقيقي. ما يعنيني في قصة أبو زيد هو النزعة الدفينة لدي التيارات الدينية وحلفائهم من الساسة في محاربة أية نزعة للتجديد وعدم التسليم والقبول بأي جديد في أي منحي للحياة. ومن ثم فليس لنا سوي أن نتوقع ردة فعلهم وكما حدثت تجاه من يخالفهم ( د. أبو زيد وأيمن نور مرشح الرئاسة عن حزب الغد - وهو مسجون حالياً - مجرد مثالان ). والحكم الذي صدر علي أبو زيد – بما في ذلك الاستئناف – يؤيد صحة كلامي. لماذا ؟ لسبب بسيط للغاية وهو أن القضية برمتها قضية بحث علمي، ويفترض أنه ليس في العلم من حرج - بين العلماء والدارسين المتخصصين - وأدبياتنا العربية والإسلامية بها الكثير من الأمور التي قد يستهجنها العامة، لكنها بالتأكيد أضافت الكثير لطرق التفكير والتحليل والبحث. وقد يخطأ الباحث وله حسنة نظير جهده وقد يصيب ويجني ثلاث حسنات. ولو عولجت المسألة من خلال هذا الإطار داخل الجامعة، وليس بنقل معلومات مغلوطة للعامة من أجل تحريضهم وقيامهم بمظاهرات.!! ثم نقل المسألة بأكملها لميكرفونات الجوامع من أجل الاحتكام إلي رأي العامة في موضوع علمي بحت.
في السياسة، هل يجرؤ كائنا من كان علي ترشيح نفسه لأي منصب سياسي رفيع؟!! هناك من يصدق أننا جميعا متساوون في الحقوق والواجبات، وأن أي مواطن له الحق في ترشيح نفسه حتى لرئاسة الجمهورية.!! في الستينيات صدق أحد البسطاء تلك المقولة وفعلها ولم يتحمل بعد ذلك الضغوط الرهيبة ففضل الانتحار غرقا بنيلنا العظيم. وتكررت التجربة بعد ذلك مرات عديدة. لنكتشف أن أي فرد يحاول استخدام حقه في (المواطنة) هو مواطن مصاب بعوارض الإكتئاب والجنون والبلاهة والسفاهة وقل ما شئت.وصدقوني أن ماحدث لأيمن نور كنت أتوقعه وكما حدث بالضبط. ذلك أنني أعرف بشكل يقيني كيف يدار (فكر دولاب السلطة)، ونوع التحالف بين السلطة وبين التيار الديني المظلم والرجعي، وكافة الرموز من منتفعين وانتهازيين وتجار السوق السوداء. الذين من مصلحتهم جميعا أن نظل في حالة من التخلف المذري، وأن نفكر ونعيش بطريقة أهل القرن الثامن عشر وما قبله.إذا لم تصدقني قم بجولة في ربوع المحروسة، قراها الفقيرة ونجوعها ومدنها المزدحمة والقذرة واستمع للناس وحاول أن تستنطقهم أحلامهم إن استطعت.أعود ثانية لنقطة البدء وحتى لا ننسي فأنا أتحدث عن – رمح مقدس آخر زرعه التيار الديني والسياسي في بلدنا المحروسة – وأسال مالذي تفعله التيارات المتشددة حين تختلف مع أفكار تغاير أفكارهم.؟! كيف يردعون الأشخاص الذين يختلفون معهم في الفكر والفهم والأسلوب. السلاح جاهز وأعني سلاح التكفير والقتل. وعند الحكام والساسة سلاحهم مساو في النتيجة والفعل أيضا وأعني سلاح السجون والمعتقلات ثم الاتهام بالعمالة والخيانة العظمي.!!. هل وصلت الفكرة الآن؟ أليس هذا ما يحدث في بلدنا؟. أليس من الأجدى والأسلم لنا جميعا أن نعتنق مبدأ: الطاعة؟!! الطاعة الواجبة لولي الأمر (رجل دولة كان أم رجل دين)، ثم الطاعة الواجبة ثم الطاعة. !! لا في الدين ولا في السياسة مسموح لأحد بالقفز فوق فكرهم. وأي محاولة للتجديد أو مجرد الحديث عن ذلك سيجابه بسلاحهم الباتر فليس بالإمكان أبدع مما كان.
لا أدري لماذا قفز لذهني الآن تساؤلنا الدائم بأن فترة 50 سنه من عمر الدول كافية لأن تغير الكثير إلي الأمام والأحسن. لماذا نحن بالذات نهرول للخلف؟!! وحتى أريح الكثيرون الذين سيقفز تفكيرهم ويتهمونني بأني علي عداء مع الدين أصرح بأن هذا غير حقيقي وتريثوا – يرحمكم الله – قبل القفز لمثل تلك النتيجة التي ستدخلنا في دوامة من تبادل الاتهامات، وقد يشتط أحدهم فيقفز لما هو أبعد من ذلك. أقول أنني أعتز بديني وأفهمه كدين يدعو للمساواة والعدل والحرية وقبول الآخر واحترام فكره.
الخلاف إذن ليس مع الدين – ولن يكون - بل سيظل دوما مع الكهنة وحملة المباخر وعساكر السلطان. ولعل في مقولة سيدنا علي ما يوجز الكثير مما أعنيه: هذا هو القراَن أما تأويله ففي عقول الرجال.
السبت، مايو 12، 2006

ليست هناك تعليقات: