الأربعاء، يوليو ١١، ٢٠٠٧

4 - قراءة الشعر " تكملة قراءة قصيدة امرأة من ثلج ونار "

.
لطالما رقصَتْ أحاسيسي على وهْمِ خطواتك
في يقظتي
كما في حلمي
فأحالَتني لحناً
تائهاً
منفرداً
على وترِ الأنين المشدودِ بين مسافتين
أنتَ فيهما
الصدى والقرارْ
.
وهي تتابع بأن أحاسيسها ترقص في اليقظة وفي المنام علي وهم خطواته.! هل تتخيل معي امرأة ترقص علي إيقاع وهمي ، إيقاع يشكله وهم أصوت لخطوات العاشق وما يعنيه من ترقب وفرحة وملل وحزن وأمل أثناء الرقص.؟! لا أعتقد أن جمال التعبير بحاجة لمزيد من التأويل. تركيبية سحرية أخري تقدمها لنا الشاعرة برفاهة حس وصدق وجمال. فأعيد قراءته مرة بعد أخري رغم انه يشكل لوحة فنية عالية القيمة والحزن. ( فالرقص) علي ( وهم الخطوات )، ( واللحن تائه ومنفرد ) ( والوتر هو أنينها ) والرجل في تلك المعزوفة يشكل تلك المعزوفة الحزينة فهو الصدى وهو القرار.
.
لا أدري إن كان أحد لاحظ أن القصيدة تتكون من سبعة مقاطع وكل مقطع يتكون من سبعة أبيات . هل تود الشاعرة أن توحي لنا بأن كل مقطع هو حلم خاص بأحد أيام الأسبوع؟ وأن أحلامها أو لنقل أيامها تتوالي علي هذا النهج ( البداية – تحليق – صدي - رحيل – موت – قدر ثم وداع ) ثم تعود ومع قدوم اليوم الثامن لتبدأ من جديد .
.
( صدى )
سأتسرّبُ من عينيكَ دمعةً
و أمسحُ عن وجهكَ حزني
سأزيلُ عنكَ الظلمة
و أدندنُ لكَ آيات صمتي
في حزني وفي فرحي
سأفتحُ لكَ بابَ قلبي
كي تهجرهُ بعدَ الحطام
.
في المنولوج الثالث أو الحلم الثالث أو حلم ثالث يوم ، أو الصدى . تعبر الشاعرة عن التوحد الكامل مع العشيق حتى لو كان كل ذلك التعبير هو مجرد صدي لصوتها. فهي ( تتسرب ) من عينيه ( دمعة ( وتمسح عن وجهه ( حزنها ) و( ستزيل ) عنه ( الظلمة ) و( تدندن ) له بآيات صمتها في الحزن والفرح ثم ( ستفتح ) باب قلبها كي يهجره بعد الحطام.!! هي عاشقة قديرة تعرف كيف تعشق ، فالفعل كله في فن العشق لها إلا الهجر فهو له.
.
( رحيل )
سيّدي :
أرجو منكَ أن تزرعني
في أبعدِ زاويةٍ من قلبك
لأنام فيها إلى الأبدْ
فأنا لستُ في كيانكَ
سوى امرأةً منسيّةًل
كنكَ في كياني
لن تكونَ رجلاً منسيّاً
.
الحلم الرابع بسير بنفس وتيرة العشق والتفاني. فهي إذا كانت امرأة منسية في كيان الرجل حتى لو زرعت بأبعد زاوية من قلبه، فهو لن يكون منسيا في كيانها بل سيظل الحبيب والعاشق والحاضر والغائب.
..
( موت )
أنا ياسيّدي
خليطٌ من ثلجٍ ونارْ
وكفرٍ وإيمانْ
لايستطيعُ أحدٌ أن يُذيبني ويُحييني
لايستطيعُ أحدٌ أن يُفرّقَ بين نصفي وبيني
لكنّك سيّدي تستطيعُ أن تُعيدَ تكْويني
.
لا أدري لماذا سميت الشاعرة الحلم الخامس بالموت ؟!! فأنا أراه عكس ذلك تماما فهو ينبض بالحياة والجمال. في هذا الحلم تواجه العشيقة رجلها وتعرفه ما هي طبيعتها وكيف يمكنه التعامل مع تركيبتها الغريبة والثرية. فنصفها - ولعلها مشاعرها - خليط من برودة الثلج ولفحة النار، والنصف الآخر من الكفرٍ والإيمان. الكفر بماذا، والإيمان بماذا؟ هل نأخذهما علي المعني المطلق للكلمتان؟ لا أعتقد ذلك. هي تعني بالمقام الأول موضوعها المتجدد والدائم وأحلامها السبعة وهاجسها كله يدور حول موضوع واحد هو علاقتها بالحبيب. وليس بمقدور أحد أن يفعل شيئا إزاء تلك التركيبة الرائعة. فلا هو بقادر أن يذيب الثلج الذي بداخلها إذا ما تراكم، وأيضا لا أحد يستطيع أن يطفأ النار المتقدة إذا ما اشتعلت. لا يستطيع أحد – أيضاً - أن يغامر بالقفز لمنطقة الكفر والإيمان فيتلاعب بتلك القيم التي تشكل نوعا من الوحدة العضوية بالنصف الأول. هي ببساطة مخلوقة كذلك، ومن العبث أن يحاول الرجل التعامل مع أي جزء بمفرده. أو التفرقة بين نصفيها وبينها. عليه بقبول التركيبة أوالخلطة كما هي، وكل ما يمكنه عمله أو ماهو مسموح له به هو أن يعيد تكوينها. مهمة صعبة للغاية لكنها ليست بالمستحيلة لرجل يفهم أصول العشق بامرأة من هذا الطراز .وإذا كان نصفيها هكذا ( ثلج ونار – كفر وإيمان ) فماذا تعني ( لايستطيعُ أحدٌ أن يُفرّقَ بين نصفي وبيني )، هل هناك من عناصر أخري لا تزال تشكل تلك المرأة ؟ يبدو الأمر كذلك. ربما هي تعني الروح أو العقل أو كلاهما. ربما كان هناك الكثير المخفي عنها وعنا. تلك هي طبيعة الخلق. فحين يفتش المرء بداخله سيجد مالم يكن يتوقعه. من أجل كل ذلك قلت أنها ليست بالمرأة التابعة أو المنقادة لنزوات العشيق. هي تعشق بطريقتها وحسب ما يملي عليها تكوينها الغريب والجميل والمركب من ردة أفعال، حتى لو فر العاشق من أسرها لأنه ببساطة لم يقدر علي التعامل بإعادة تكوين تلك الخلطة الغريبة.
.
( قدر )
قدَري ياسيّدي
يتحدّى الأماني والأحلام
فهي زهورُ حقولي التي
زرعتها لِغَدي
ولمْ أُهمل يوماً تفقّدها
ولا رعايتها
قدَري ياسيّدي يسيّجها
ويتركها تموتُ منَ العطشِ
فهي ليسَتْ سوى
مجرّد عواطفي
.
هل من عاشق يستطيع التحكم بقدره؟ يبدو أننا جميعنا في العشق شرق.!! فتلك طبيعة عشقنا ولا مفر من أن يكون القدر شريكا لنا فيما نفعل أو نقرر, فالقدر هو الذي يقول كلمته الأخيرة .والشاعرة مدركة لذلك فهي تتحدث عن ( قدرها ) الذي يحاصر ويخنق ولا يترك زهورها وعواطفها إلا ميتة من العطش وكأنه نوع من التسليم المبرر بتصرفات القدر وأفعاله.
.
( وداع )
لكَ الحبُّ ياسيّدي
أيْنما كنتَ
.
ألم أقل لكم؟!!!
.
.

ليست هناك تعليقات: