الأربعاء، يوليو ٠٤، ٢٠٠٧

1 - قراءة الشعر

ليس من السهل أن تعجبني قصيدة ما. وايضا ليس من السهل أن يحوز شاعر أو شاعرة علي حبي لشعره ثم لشخصه. الشعر عندي أرقي درجات الكتابة، فقصيدة جيدة ستجد فيها أنواعا كثيرة من الفنون، ستجد الموسيقي والدراما وصدق الأحاسيس ودفئها ثم التفاعل في المشاعر بين الشاعر وقارئه. لعل كل ذلك يدفعني لحب الشاعر أو الشاعرة .
الشعر الجيد عندي مخلوق كامل من جسد وروح، جسد يتنفس ويحس ويتألم ويهوي وينثر سعادته وضحكاته وأحزانه وهمومه علي قرائه، وروح تحس وتعشق وتطير لسماوات قريبة مرة وبعيدة مرات، لكنها تأخذ بيدنا لنحلق معها ونشاركها متعة الطيران وحلاوة الإنعتاق.
.
لا تستطيع أي نوع من الكتابات الأخرى أن تعطيك كل ذلك، ولن يقدر أي كاتب أن يحقق تلك المعادلة الصعبة في بضعة أسطر. الشاعر الجيد مخلوق وبداخله الكثير من البذور الطيبة التي ما أن تجد الوقت الملائم والتربة الصالحة حتى تبدأ في النمو والازدهار لتطرح ثمرات مباركة وأزهار جميلة، وخضرة، وألوان عديدة، وحب وغضب وشوق وثورة ونداءات أسمعها لحرية الإنسان، وحلم لا يتوقف ولا يموت بنهار مشرق وشمس ساطعة.

من أجل ذلك تحدث القراَن عن الشعراء وتأثيرهم في الناس. وفي بعض البلاد لا يستطيع الساسة أو رجال السلطة أو رجال الدين أن يقتربوا من بعض المشاكل المزمنة حتى يأتي أحد الشعراء ليلقي شعره في الناس لتبدأ بعد ذلك الحلول في الظهور.
وما دمت أتحدث عن مشاعر وأحاسيس وأحلام ورؤى وأحزان وأفراح الشاعر، فعندي ليس أجمل الشعر أكذبه بل أجمل الشعر أصدقه. فالنفس تستطيع بسهولة - ولعل ذلك ضمن أسرار خلقها - أن تميز بين المشاعر الصادقة والكاذبة أو الزائفة.
.
هناك شاعر أقع في حبه منذ القصيدة الأولي، غير أنني أميل للتريث في إعلان حبي وأظل أتابع ما يكتبه من قصائد. وفي الغالب يكون حكمي سليما . من هؤلاء - في منتدانا – احمد رضي وعودة أو شهر زاد كما أحب أن أسميها ومولانا الشيخ . وبالتأكيد لا أعني بالوقوع في حب الشاعر الموافقة علي أفكاره بقدر ما هو نوع من التسليم والاستمتاع بعالمه الذي يخلقه. وهناك شاعر أجد نفسي لا أستطيع قبول قصيدته الأولي، وما يتبع ذلك من عدم قبولي لشخصه أيضا. وبالتأكيد أعطي لنفسي الوقت الكافي أيضا لمتابعة قصائده التالية ربما يتغير قراري.

شاعري المفضل هو الراحل الشاعر العراقي الكبير عبد الوهاب البياتي، لكنني أحب أيضا الجواهري والسياب وأعشق صلاح عبد الصبور وأمل دنقل وأحمد عبد المعطي حجازي ونازك الملائكة وجويده. ونفس الكلام ينطبق علي شعراء العامية الكبار فؤاد حداد والأبنودي وقبلهم وبعدهم يأتي دائما صلاح جاهين.

في هذا الموضوع الذي أحاول أن يكون بشكل ( قراءة لقصيدة أعجبتني )، سأحصر اهتمامي وتركيزي علي ما يكتبه الشعراء القريبين مني، وسأحاول قدر ما يسعفني الوقت والجهد أن أختار بعض القصائد لهم والكتابة عنها. ولعلها تكون الخطوة الأولي باتجاه كتابة نقدية لتلك القصائد وغيرها من الأعمال الفنية.
.........
آخر الكلام ..
قصيدة قصيرة للمبدع الراحل عبد الوهاب البياتي ...

الطريد ...

حلمت
أني هارب طريد
في غابة
في وطن بعيد
تتبعني الذئاب
عبر البراري السود والهضاب
حلمت
والفراق يا "حبيبتي" عذاب
أني بلا وطن
أموت في مدينة مجهولة
أموت
"يا حبيبتي"
وحدي بلا وطن

.......


القاهرة. 29/06/2007
.
.

هناك تعليق واحد:

david santos يقول...

Great posting, my friend, great!
Have a nice weekend.