الأربعاء، يونيو ٠٦، ٢٠٠٧

3 - حكايات الأغاني ..." الضحك على عقول الأطفال."

.
3 - الضحك علي عقول الأطفال..

أحب أغاني الأطفال – رغم قلتها – فهي تسعدني وتضيف لي نوع جميل وهادئ من التفاؤل وأيضا ترسم علي وجهي بسمة أمل في الغد. غير أنني دائما ما أردد بأننا نحب أن نري في أطفالنا ما نفتقده فينا من براءة وعفوية وضحك من القلب وألفة وحب لمن حولنا.
لا أستطيع أن أنسي موقفاً حدث أمامي له علاقة بذلك الموضوع. كنت في أحد المكتبات لشراء بعض الأدوات الكتابية . دخل رجل يرتدي جلابية بيضاء وفوق رأسه طاقية مشغولة والتي غالبا ما تأتي كهدية مع القادمين من الحج ، وبالمناسبة الجلابية البيضاء والطاقية صناعة صينية أو تايلندية. المهم ، كان الرجل ممسكا بيد طفله الذي لم يتجاوز الست سنوات، وكان الطفل يرتدي أيضا جلابية بيضاء مشابهة لجلابية والده، ويضعون فوق رأسه طاقية أيضا مثل التي فوق رأس والده. وعلامات السمنة الزائدة ظاهرة بوضوح فوق جسد الطفل الصغير. كان المشهد غريبا وكأنه أحد المشاهد في حفلة تنكرية. أحسست انه مشهد تمثيلي فيه افتعال وكذب، وأيضا شعرت بالشفقة علي هذا الطفل المسكين.
ويبدو أنه كانت هناك علاقة معرفة بين صاحب المكتبة وهذا القادم. فأخذ يرحب به ويسلم علي الطفل، ثم سأل الرجل عن أحوال صغيره. اندفع الرجل يقول بسرعة وفخر أن طفله لا يفوته فرض بما في ذلك صلاة الفجر حيث يصطحبه إلي الجامع وأنه ( أي الطفل ) وبسم الله ماشاء الله قد انتهي من حفظ أربعة أجزاء من القراَن الكريم.

في الحقيقة أنا ليس لدي اعتراض بالمرة علي ذهاب الطفل للصلاة بالجامع، ولا حفظه للقراَن. اعتراضي أن الرجل يشكل طفله علي الصورة، والهيئة، والفهم وكما يريد هو. وبالتأكيد نجح في مسعاه بتسمين ( تزغيط ) الطفل وتحويله إلي مسخ يمشي خلفه. ونسي عن عمد وجهل وغباء أن ابنه لا يزال طفلا وهو بحاجة أن يعيش فترة طفولته بشكل آخر غير ما يصر علي فعله معه.

وحين يكبر الطفل، يكون وعيه قد تشكل وكبر معه، وثقته بنفسه قد ازدادت ونضجت، وفهمه الصحيح والسليم - وليس فهم الكبار وكما يريدون له - قد تحدد. والأهم انه لن يفقد – رغم كل ذلك - تلك البذرة الطيبة، التي أودعها الله بداخله منذ طفولته، وأعني بذرة الحرية .
هناك الكثير من الدول فطنت لذلك فأعطت حقوقا لأطفالها مكتوبة ومدعومة بقوة القانون. ولأن المجتمع هناك اَمن بذلك عن وعي وثقافة وفهم، فستجد أن حقوق الأطفال في ازدياد مستمر. ولن يجرؤ أحد – هناك - علي تلويث شخصية الطفل، ولا تشكيلها كما يريد أو كما يتمني. زرت أحد تلك الدول وسميتها بدولة الأطفال.!!! . وهذا أحد الفوارق بيننا وبينهم .

وبالفعل لن يفيدنا – هنا - الابتسامات الصفراء، ولا الضحك من تحت الضرس، ولا الأحجبة التي نضعها حول أعناق الأطفال في إخفاء كذبنا المستمر، وخداعنا الدائم لهم. سيأتي يوم يدرك فيه الطفل أن شخصيته قد تشكلت بشكل خاطئ، وأن والديه قد ساهما لحد بعيد في مسخ شخصيته، وأنهم قد تآمرا عليه مع الباقين ليشكلوا شخصيات هزيلة ومريضة ومشوشة لأطفالهم.

المجتمع - ولأسباب كثيرة - بارع في جهله وغبائه وتشدده الأحمق في حقن الأطفال بثقافة العيب والحرام والخوف الذي يصل لحد زرع الرعب والهلع - من الله - في قلوب الأطفال الصغيرة والخضراء. حتى أنهم يتفننون في قصص وروايات الجحيم والعذاب الذي يجهزه الله لهم، وبما يضمره من عذاب لهم حتى أنه يتتبع خطاهم بالعذاب والغضب في الدنيا، وحتى عند الموت في القبر، ثم في الآخرة بنار لا تشبع وتطلب المزيد.

سيأتي يوم للطفل، لكنه سيكون متأخرا، وسيكون قد خسر الكثير أيضا، بعدما يفقد الكثير من حريته، وإدراكه السوي، لكنه سيأتي. وسيتوجب عليه البدء من جديد في فهم الكون، وقبول الآخرين من (الناس) علي مختلف دياناتهم وأفكارهم والتعامل معهم. وفهم وإدراك العلاقة السوية وليست المريضة مع الله الرحمن الرحيم السلام اللطيف الحليم التواب النور الرؤوف الكريم العفو الهادي البديع الغفور. الجميل المحب للجمال.
اتركوا الأطفال يعيشون طفولتهم ويتمتعون بها. اتركوهم يغنون ويمرحون ويلعبون. واسمعوهم بفهم وبقلوب سليمة.
..
.
.

ليست هناك تعليقات: